في زيارة الصدّيقة الكبرى عليها السلام : (وغصَّصكِ بريقكِ)...إلى ماذا يُشير هذا التعبير؟
المقنعة

في زيارة الصدّيقة الكبرى عليها السلام : (وغصَّصكِ بريقكِ)
إلى ماذا يُشير هذا التعبير؟

وصف للمقطع

مقطع من برنامج الكتاب الناطق ح92
http://www.almawaddah.be/posts.php?postId=389
✤ وقفة عند الرسالة العملية للشيخ المفيد [المقنعة] مِن ضِمن ما جاء فيها في زيارة الصدّيقة الكبرى عليها السلام هذه العبارات:
ثُمّ قف بالروضة مكان خاص في مسجد النبي وتوجّه إلى القبلة وقُل:
(السلام عليكَ يا رسول الله، السلام على ابنتكَ الصدّيقة الطاهرة، السلام عليكِ يا فاطمةُ بنتَ رسول الله، السلامُ عليكِ أيَّتُها البتول الشهيدة الطاهرة، لعن الله مَن ظلمكِ، ومنعكِ حقَّكِ، ودفعكِ عن إرثكِ، لعن الله مَن كذّبكِ، وأعنتكِ، وغصَّصكِ بريقكِ، وأدخل الذُلَّ بيتكِ، ولعن الله أشياعهم على طول الخط إلى يوم القيامة ، وألحقهم بدَرَكِ الجحيم).
(الشهيدة) صِفة واضحة تتكرّر في زياراتها عليها السلام.. وهذه الزيارة هي زيارة أخرى غير التي قرأتُها عليكم من مفاتيح الجنان.
● قول الزيارة (ولعن الله مَن كذّبكِ، وأعنتكِ) العَنَت: هو التعب، هو الألم، هو العذاب.. فقد عذّبوا فاطمة عليها السلام!
■ وقفة عند هذه العبارة المؤلمة جدّاً (وغصَّصكِ بريقكِ).
الريق في الّلغة هو : ماء الفم، وهو السائل الذي يُرطّب الفم، يُقال له (لُعاب الفم)، (رِضابُ الفم).. وهو الذي يُحافظ على رائحة الفم. الإنسان في حالته الصحّية والنفسيّة يكون فمهُ رطباً مِن الداخل بسبب هذا السائل. في بعض الحالات المَرَضيّة والنفسيّة أيضاً قد يجف فم الإنسان (كحالة الرعب والخوف الشديد..) حالات نفسيّة معيّنة تطرأ على الإنسان تُؤدّي بريقهِ إلى الجفاف.
■ أمّا تعبير (غصّصكِ) في الّلغة : [غصَّصَ] من الغُصّة، والغُصّة التي تأتي قرينة للريق هي ما يعترض فم الإنسان مِن الداخل، بحيث أنّ الإنسان لا يستطيع أن يُدخل شيئاً في جوفه بسبب هذا العائق أو المانع المُسمّى بالغصّة!
(غصّصكِ بريقكِ) يعني لا يوجد أي حاجز، وإنّما غصّصوها بريقها.. وهذا تعبير كنائي عن الخوف الشديد، والحزن الشديد، والألم الشديد، والإجهاد الشديد، وكذلك الضرب الشديد، العصر الشديد، الجراحات المؤلمة، الركل والرفس والشتم، والضغط النفسي.. هذه عوامل تجعل الإنسان يتغصّص بريقه!
● تعبير(غصّصه) يعني: جرّعه، وهو نفس التعبير الذي جاء في زيارة الناحية المقدّسة (السلام على المُجرّع بكاسات الرماح)! فأعداء الزهراء غصّصوها بريقها!
✤ هناك تصوّر خاطىء حين يرسم الرسامون الشيعة لوحة أو تذكاراً يُذكّر بظلامة فاطمة، يرسمون (باباً ومجموعة مِن الحطب تشتعل أمام الباب) قد يُشكّل هذا رمزاً ولا بأس بذلك ولكن الذي جرى على أرض الواقع هو حضور 300 شخص إلى بيت الزهراء يحملون الحطب الكثير، وسدّوا به منافذ البيت كلّها؛ لأنّهم أرادوا أن يُحرقوا البيت بكامله على أهل البيت عليهم السلام! (صحيح أنّهم لم يُحرقوا هذا الحطب بعد ذلك، لأنّهم وجدوا منفذاً يدخلون منه إلى البيت كي يقتلوا الزهراء!)
وقد مرّ علينا في حلقة يوم أمس ما جاء من كلام قاله أبو بكر لعمر في كتاب [الإمامة والسياسة] حين قال عمر لأبي بكر(ألا تأمر فيه بأمرك أي في عليّ ؟ فقال: لا أُكْرِهُه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه) ولذا يبدو أنّ القوم بدؤوا يُخطّطون لتصفيتها!
ولذا جمعوا الحطب على بيت فاطمة مِن جميع الجهات، وبدؤوا بتسجير النار في الحطب الذي كان عند الباب!
■ ظروف قاسية جدّاً.. النبي استُشهد مسموماً، وصحابته المهاجرون والأنصار تركوه لوحده مع علي وفاطمة والحسن والحسين وأفراد من بني هاشم، وعدد قليل جدّاً من الصحابة، وذهبوا يعقدون سقيفتهم المشؤومة في سقيفة بني ساعدة!
✤ بشكل مُجمل أقرّب لكم الصورة كيف غصّصوا الزهراء عليها السلام بريقها:
الحوار الذي دار بين الزهراء وبين القوم من وراء الباب، حيث كانوا يتهكّمون بحديثها وكلامها، فتحت الباب، أرادت أن تقترب منهم كي تُكلّمهم.. بنحو أصرح وأوضح هجموا عليها، دخل ابن الخطّاب وعصرها بين الباب والجدار، سقطت على وجهها بعد أن أصاب المسمار صدرها الشريف، وسال الدم من صدرها الشريف من أثر جراحة المسمار، والدخان في البيت، والنار تسفع وجهها، والقوم بدؤوا بضربها! الروايات تحدّثنا أنّ المغيرة ضربها حتّى أدماها، وأنّ خالد ضربها بسيفه وهو في غمده! ولخالد قصّة مع الزهراء أنّه أراد قتلها بالسيف، وسيأتي ذكرها.
● فما بين أحزانها على أبيها، وهذه الأوضاع الجديدة والتقلّبات، وبين أخذهم لأمير المؤمنين وقد لبّبوه بالحِبال، وبين محسن على الأعتاب، وبين آلام في الصدر، وضلع مكسور، وبين ركلٍ ورفسٍ وإهانةٍ وشتم، مع نار مُسجّرة، ودخان دخل إلى فضاء البيت.. هذه الظروف أفضل تعبير عنها أنّهم غصّصوها بريقها!!
● هذا التعبير(غصّصكِ بريقكِ) يُشير أيضاً إلى أنّهم حاولوا قتلها بهذه الطريقة (بطريقة الخنق)! حاولوا خنقها مِن طريق الدخان الشديد بتسجير النار حول البيت، من طريق العصر الشديد بين الباب والجدار! فالقوم حاولوا قتلها بعدّة طُرق.. فهذا التعبير (غصّصكِ بريقكِ) تعبير كنائي عن محاولة خنق الزهراء صلوات الله عليها، وستأتينا صور تشرح هذه العبارة.

المجموع :2633

العنوان الطول روابط البرنامج المجموعة الوثاق