العدالة الإجتماعية في الإسلام لسيّد قُطب...بوّابة علاقته مع الإخوان المُسلمين
  • طول المقطع : 00:22:46
وصف للمقطع

مقطع من برنامج [ السرطان القطبيُّ الخبيث في ساحة الثقافة الشيعيّة الحلقة 15 ]
✤ حقيقةٌ لابد أن أشير إليها:
هذا الكتاب [العدالة الإجتماعية في الإسلام] لسيّد قُطب يُشكّل نقطةً بارزةً في حياتهِ وفي تأريخه.. هناك أمورٌ كثيرةٌ ترتبطُ بهذا الكتاب على مُستوى المَضمون أو على مُستوى الظُروف التي أُلّف فيها، والتداعيات التي جاءتْ بعد صُدور هذا الكتاب.. سأشير إلى 3 نقاط أرى أنّ لها الأهميّة:
❂ النقطة (1): عُدّ هذا الكتاب مُعارضاً للنظام المَلكي في مِصر آنذاك.. فكان الملكُ فاروق ملكاً على مِصر وعلى السودان.. وفاروق عُرف بالفساد والبذخ الشديدين، ليس لهُ مِن هم في الحياة إلّا في شُربه وأكلهِ وفرجه.. يعيشُ حالةً مِن البهيمية الملوكيّة في أوضح صُورها.. فهو ما بين المَطعم والمَشرب والجنس، هكذا قضّى حياته.. أمّا بلاطه فهو بلاط الدسائس والمؤامرات فيما بين أفراد البلاط، ليس على مُستوى حُكومة مِصر، وإنّما على مُستوى المَصالح والمناصب والتقرّب مِن جلالة الملك، والانتفاع ممّا يُوفّره لهم ممّا يتناغم مع شهواتهم ورغباتهم الدنيوية.
• الظلم يُخيّم في كلّ مكان، فهذا الأمر ليس خاصّاً بِمصر، بل في كُلّ البلاد، والجهل ينتشرُ في كلّ الزوايا.. الفُقراء يأنّون مِن عَوزهم وحاجتهم.. وهذا هو حال الظلم والظالمين والمظلومين فيما مضى وفيما نحنُ عليه الآن، وفيما سيأتي، إلى أن يأتي يوم الخلاص.
فهذا الكتاب كان يُعدّ كتاباً مُعارضاً لواقع نظام فارق آنذاك؛ لأن الكتاب جريئٌ في الطَرح، ولأن الكتاب كان أكثرَ مِن الكتب التي كُتبتْ في وقتها باتّجاه أجواء الثقافة الإسلامية.. قطعاً في تلك الفترة سنة 1949 كانت العلاقة قد انقطعتْ فيما بين العقّاد وسيّد قُطب، وهذا الجانب مسكوتٌ عنه، وسأتحدّث عنه يوم غد إن شاء الله.
سيّد قطب قبل أن يكتب هذا الكتاب كان يكتب في المجلات وفي الصُحف وفي وسائل الإعلام آنذاك، كان يكتب منتقداً للأوضاع.. فكان معدوداً مِن جملة المُنتقدين للأوضاع آنذاك، ولكن هذا الأمر تجلّى بوضوح في كتابه هذا "العدالة الإجتماعيّة في الإسلام".
❂ النقطة (2): أنّ هذا الكتاب [العدالة الإجتماعية في الإسلام] صار بوّابة لإقامة علاقته مع الإخوان المُسلمين.
هذا الكتاب في طبعته الأولى عام 1949 والتي صدرتْ في وقتٍ لم يكنْ فيه سيّد قطب مُتديّناً.. كتب سيّد قطب في الإهداء: (إلى الفتية الذين ألمحُهم في خيالي قادمين يردّون هذا الدين جديداً كما بدأ..)
لَمّا صدر هذا الكتاب في مِصر وجماعة الأخوان قرأوا هذا الكلام، توقّعوا أنّ سيّد قُطب يقصدهم.. وهو لم يكن يقصدهم، فهم لم يكن يعرف تفاصيل كثيرة عن جماعة الأخوان المُسلمين.. معرفته كانت إجماليّ، معرفته هي المعرفة التي تُذكر في وسائل الإعلام فقط.
فالإخوان قالوا: أنّ سيّد قُطب يقصدنا بِهذه الكلمات، ولِذلك هم نشروا هذا الكتاب وتبنّوا هذا الكتاب ولم ينظروا في مضمونه، مع أنّ الكتاب ليس كتاباً دينيّاً، وإنّما هو في سلسلة الكُتب التي ألّفها سيّد قُطب في فترة الإنكفاء إلى أجواء الثقافة الإسلاميّة.
حين رجع سيّد قُطب مِن الولايات المُتّحدة الأمريكية عام 1950 وجد اهتماماً كبيراً به مِن الأخوان حين عاد إلى مِصر.. ولكنّه حينها لم يكن مُتديّناً، ولا يملك معلومات تفصيليّة عن جماعة الأخوان، وإلى الآن هو في حالة نُفرة نفسيّة مع حسن البنّا، وإلى الآن لازال مُعبّأ بالفكر الماسوني.. ولكنّه حين وجد هذا الاهتمام من جماعة الأخوان المُسلمين به، بدأ يُنشئ علاقة مع جماعة الأخوان المُسلمين ولكنّها ليستْ إلى حدّ الانتماء.. فأعاد طبع الكتاب، وغيّر الإهداء، فكتب فيه:
(إلى الأخوة الذين كُنتُ ألمحهم بعين الخيال قادمين، فوجدتهم في واقع الحياة قائمين، يُجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، موقنين في قرارة نفوسهم أنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين، إلى هؤلاء الفتية الذين كانوا في خيالي أمنية وحلماً، فإذا هم حقيقةٌ وواقع، حقيقةٌ أعظم من الخيال، وواقع أكبر من الآمال.. إلى هؤلاء الفتية الذين انبثقوا مِن ضمير الغَيب كما تنبثقُ الحياة من ضمير العدم، وكما ينبثق النور من خلال الظلمات إلى هؤلاء الفتيه الذين يُجاهدون بإسم الله، في سبيل الله، على بركة الله، أهدي هذا الكتاب..) وهذا مصداق من مصاديق الانتهازيّة في شخصيّة سيّد قُطب.
• في هذه الفترة صار سيّد قُطب مُتديّناً، وانتمى إلى جماعة الأخوان المُسلمين.. في هذه الفترة بدأ فعلاً يخطو خُطواته الأولى في انتمائه لجماعة الأخوان المُسلمين، والذي تأكّد بعد هذا بسنوات.
سيّد قُطب حتّى في مرحلة تديّنهِ حينما ألّف تفسيره "في ظلال القرآن" لم يكن على ثقافة دينيّة إسلاميّة واسعة.. سيّد قُطب في تفسيره [في ظلال القرآن] جاءنا بإرهاب المودودي (الذي هو ابنُ تيمية في العصر الحاضر)!
سيّد قُطب جاء بِفكر المودودي، وصبّه في القالب الحركي لفكر حسن البنّا، ثُمّ نفخ فيه نفخاً بإسلوبهِ الأدبي