المشروع المهدوي وعوالم الجن
وصف للمقطع

في سورةِ الحِجر، الآيةِ السادسةِ بعد العاشرةِ بعدَ البسملة وما بعدها: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِيْن - الحديثُ عن السَّماء - وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيْم﴾، الشَّيطانُ في الإطلاقِ الأوَّل هُمُ الجن، ولكن ليسَ بالضرورةِ أن يكونَ هذا العنوانُ خاصَّاً بالجن، فَهُناكَ شياطينُ الإنس، وهُناكَ أيضاً شياطينُ دَوابِّ السَّماء.

۞ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين - فالجنُّ بهذا اللحاظِ جُزءٌ من دَوابِّ السَّماء، لهم دَبيبٌ، لهم دَبيبٌ على الأرضِ، ولهم دبيبٌ في السَّماء - إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ - هُناكَ مَن يصلونَ إلى بعضِ المواطنِ، بعضِ مواطنِ القرار كي يسترقوا السَّمع، وما يُحصِّلُونُه من معلوماتٍ يكونُ جُزءاً من البرنامج الإبليسي في حربهِ الَّتي يَشنُّها على البرنامجِ المهدويّ، إنَّها الحربُ في العاصمة، ومن هُنا فإنَّ الخُطوة الأولى في البرنامجِ المهدويّ في المشروعِ المهدويّ أن يُحرِّرَ القائِمُ العاصمة، أن يُحرِّرَ العاصمةَ مِن شياطين الجنِّ والإنس، فهؤلاءِ يسترقونَ السَّمعَ أين؟ في عالَم السَّماواتِ، يسترقونَ السَّمعَ في المواطن الَّتي يستطيعونَ أن يُنصِتوا إلى الملائكةِ أو في المواطنِ الَّتي يستطيعونَ أن يُنْصِتوا إلى المخلوقات الأخرى الَّتي لها صِلةٌ مُباشرةٌ بإمامِ زماننا، مثلما في جابُلقا وجابُرسا، إنَّها مواطنُ في السَّماءِ ترتبطُ ارتباطاً مباشراً بإمامِ زماننا، إنَّها مُعسكراتٌ احتياطيّةٌ لصاحبِ الزَّمان في جابُلقا وجابُرسا.

- فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين﴾، هذهِ قُوَّاتُ الرَّصد، إنَّها حرسُ الحدود في مُدُن السَّماء، ففي السَّماء مُدُن هكذا أخبرونا، وهُناك قِلاعٌ وحُصون، هناك جابُلقا وجابُرسا، وهُناكَ وهُناك.

في سورةِ الجن، إنَّها سُورةٌ كاملةٌ باسمهم، الآيةِ الثامنةِ والتاسعةِ أيضاً بعد البسملة: ﴿وَأَنَّا﴾، مَن الَّذين يتكلَّمون؟ إنَّهُم الجن، في بداية السورةِ في الآيةِ الأولى بعد البسملة: "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبا"، إلى أن تقولَ السورةُ عن لسانِ الجن: ﴿وأنَّا - هُم الجن - وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء﴾، اقتربوا من مواطنِ القرار كي يسترقوا السَّمع، "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء"، قَاربناها ما استطعنا أن نخترقَ الحدود، مُلامسة، عِبرَ وسائلِ التجسُّسِ الَّتي يمتلكونها، عِبر وسائلِ استراقِ السَّمع ووسائلِ التصوير عن بُعد، تلك ملكاتٌ هم يمتلكونها في أصل خِلْقَتِهم، فَهُناكَ الجنُّ الطيَّارةُ وهم على مراتب، وهُناكَ الجنُّ الـمُسْرِعَةُ ﴿قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ سنعودُ إلى هذا أيضاً، ذلك في سورةِ النمل فيما يرتبطُ بعرشِ ملكة سبأ.

الجن يقولون في سورة الجن: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً - حَرسُ الحدود هؤلاء - وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾، متى؟ قبلَ ولادةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وآله، فقد وُلِد مُحَمَّد وُلِد الخليفة، بدأ البرنامجُ المهدويُّ معَ ولادةِ مُحَمَّد، فقد وُلِد الخليفةُ في العاصمة، ومِن هُنا مُنِعوا، الرواياتُ تقول مِن أنَّهم كانوا يسترقون السَّمع ويُحصِّلُونَ على المعلوماتِ بشكلٍ كبير، لكنَّهم بعد ولادةِ مُحَمَّد مُنِعوا، "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا"، متى؟ بعد ولادةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ، بدأت القُوَّاتُ للتمهيدِ للمشروعِ المهدويِّ الأعظم، كما يقولُ صلَّى اللهُ عليهِ وآله: (أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَين)، إنَّها ساعةُ الظهور، إنَّني على مَقرُبةٍ من ساعةِ الظهور، هذهِ علائِمُ البرنامج، مرحلةُ التَّنزيل كانت مُقدِّمةً لمرحلةِ التَّأويل، ومرحلةُ التَّأويل مُقدِّمةٌ للتَّأويلِ الأعظمِ الَّذي سيُشرقُ في يومِ الخلاص، على يدِ الحُجَّةِ بنِ الحسن، العلائِمُ بدأت مُنذُ مولِدِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآله.

وَشُهَباً"، القُوَّات السابقة، في سورة الحجر: ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيم ۞ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين﴾، هنا يَسترقونَ السَّمع ويُحصِّلونَ على المعلوماتِ بالطُرقِ القديمةِ الَّتي كانت عندهم، لكنَّهم هكذا يجدونَ حرسَ الحدودِ؛ ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين﴾، لكن بعدَ وِلادَةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآله إنَّهم يتحدَّثُونَ بعدَ وِلادَةِ مُحَمَّدٍ، فإنَّ الآية الأولى بعدَ البسملة تتحدَّثُ عن قُرآنِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وآله.

أعودُ إلى سورة الجن: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ۞ وَأَنَّا كُنَّا - مثلما في سورةِ الحِجر - وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ - يَسترقونَ السَّمع - فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ - الآنَ - يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً﴾.

ماذا مرَّ علينا في سورةِ الحجر؟ ﴿إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين﴾، أَتْبَعَهُ شِهابٌ مُّبِين هُوَ يرى الشِّهاب هُو مُّبين، لكن هنا العمليّةُ عمليّةُ رصد، وعمليّةُ الرَّصد تكونُ سريَّةً.

في سورةِ الصافّات ومن الآيةِ السادسةِ بعد البسملةِ وما بعدها: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ - الكواكبُ بحسبِ مُصطلحات الفلكيّين تُطلَقُ على النُّجوم الباردة، تُطلَقُ على الأرض وعلى القمرِ وعلى المرّيخِ وعلى غيرها، من الكواكبِ الباردة، من الكواكبِ الصخريَّة، أمَّا النُّجُوم فَتُطلقُ عندَ الفلكيّينَ على الشَّمسِ وأمثالها من الكواكبِ النَّاريةِ الحارة، في اللغةِ لا يوجدُ هذا الفارقُ الكبيرُ، يُوجدُ تفريقٌ ما بَينَ الكواكبِ والنُّجوم فالكوكبُ ما كان كبيراً من جهةِ رؤيةِ الإنسانِ، من جهةِ نظرِ الإنسانِ، والنَّجمُ ما كانَ لامعاً وواضحاً وعالياً، لكن ليسَ بالضرورةِ أن يكونَ كبيراً، من هنا يُقالُ للنَّجمِ الكبيرِ من أنَّهُ كوكبٌ دُريٌّ، لا يوجدُ التفريقُ الفلكيُّ في المصطلحاتِ بَينَ الإطلاقاتِ اللغويّة، الفلكيُّون لهم مصطلحاتهم واللغةُ لها دِلالتها ومضامينها. 

- وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِد ۞ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى - سابقاً كانوا يسترقون السَّمع - وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِب ۞ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِب - دُحُوراً؛ طرداً، إبعاداً، نفياً، دَحَرَهُم؛ طَرْدُهُم بعيداً، عذابٌ واصب عذابٌ حاضر، هُناك قُوَّةٌ وهُناكَ أجهزةٌ وهُناكَ إمكاناتٌ وأسلحةٌ حاضرةٌ ستصبُّ العذابَ عليهم صبَّاً - إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِب - إلَّا الَّذين يجدون ثغرةً، تُلاحظون من أنَّ الأمور تجري بالأسباب، المشروعُ المهدويُّ هكذا يجري، إن كانَ ذلكَ في عالَم الأرضِ أو كانَ ذلكَ في عالَمِ السَّماء.

الْمَلأُ الأعلى المقرُّ السَّمائيُّ الخاصُّ بِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وبتعبيرٍ دقيقٍ الْمَقرُّ السَّماويُّ الخاصُّ بالقائم، حينَ نظرَ إبراهيمُ إلى ملكوتِ السَّماوات فرأى أنواراً خمسة، ورأى أنواراً تسعة، النُّور التاسعُ في ضحضاحٍ من نور تُحيطُ بهِ تلكَ الأنوار، إنَّهُ نورُ القائمِ صلواتُ الله وسلامهُ عليه وتحفُّ بتلكَ الأنوارِ العظيمةِ أنوارٌ صغيرةٌ كثيرة إنَّها أنوارُ أنصارهم.

في سورة النمل هناك ذكرٌ للعلاقةِ ما بين الإنسِ والجن، في الآيةِ السابعةِ بعد العاشرة بعد البسملة: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُون﴾، دولةُ سُليمان النَّبي هي وسيلةُ إيضاحٍ مُصغَّرة للدولةِ المهدويَّةِ القائميَّة، هذا هو جيشُ سُليمان، مثلما قلتُ لَكُم: نحنُ في العالَمِ الأرضي نستطيعُ أن نتواصلَ مع الجن، لكنَّنا لا نستطيعُ أن نتواصلَ مع المخلوقاتِ الأخرى من دَوابِّ السَّماء مع الكائناتِ العظيمةِ في السَّماوات لأنَّنا في عصرِ الغَيْبَةِ، لأنَّنا في زمانِ جولة الباطل، هذهِ دولةُ إبليس، هكذا تصطلحُ عليها الرواياتُ والأحاديث، منذُ زمانِ نُزولِ أبينا آدم ونحنُ في هذهِ القُبَّة، في قُبَّةِ أبينا آدم، آخِرُ الآدميّين أبونا آدم هو آخِرُ الآدميّين هكذا وصفتهُ الروايات، نحنُ في القُبَّةِ الأخيرة، دولةُ الحق تبدأُ من يومِ الخلاص، في زمانِ جولةِ الباطل نحنُ نستطيعُ أن نتواصل مع الجن، أتحدَّثُ عن بني الإنسان، ولذا فإنَّ القُرآن يُحدِّثنا عن الجن ويُحدِّثنا عمَّا يفعلهُ الجنُّ في حركتهِ باتِّجاهِ السَّماء.

في الآيةِ الثامنةِ والثلاثين والَّتي بعدها بعد البسملة من سورةِ النمل: ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ - سُليمانُ يتحدَّثُ في غرفةِ عمليّاتهِ مع قادَةِ جيشهِ - أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِين ۞ قَالَ عِفْريْتٌ مِّنَ الْجِنِّ - هذا أحدُ القادَةِ، هذا جنرالٌ من جنرالات الجن عفريتٌ من الجن، العفاريتُ هم القادرون على الطيرانِ وعلى السُّرعةِ وعلى حملِ الأثقالِ الكبيرةِ - أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِين - طَيَّارٌ سريعٌ حاملٌ للأثقالِ العظيمة.

في سورة الجن، الآيةِ الخامسةِ والسادسةِ بعد البسملة: ﴿وَأَنَّا - أَنَّا الكلامُ كلامُ الجن - وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً ۞ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾، "يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجنِّ"؛ يأخذون معلوماتٍ منهم، "فَزَادُوهُم رَهَقَا"؛ رَهَقَاً خُسراناً وضلالاً بحسبِ ما جاء في أحاديثهم وتفسيرهم لقُرآنهم، فلقد فَسَّروا الرَّهقَ بالخُسران بالضلال. يلتجئون إليهم يحتمونَ بهم، هذا جُزءٌ من البرنامج الإبليسي يسترقونَ السَّمعَ، يسترقونَ إلى الملائكةِ وهُم يتحدَّثون عن خُطَّةِ برنامجِ عملهم لهذا اليومِ أو لتلك الليلة، إنَّهُم الملائكة الصِّغار، الملائكةُ الخَدَمُ العاملون الفاعلون، فَعَلَةُ الملائكة، يستمعونَ إلى قادتهم الَّذين يُصدِرونَ إليهم الأوامر، يستطيعونَ من خِلالِ وسائلِ التجسّس الَّتي عندهم أن يلتقطوا بعضاً من المعلوماتِ ليست كاملةً يُكمِلونها بحسبِ توقّعهم، فقد يَصدقُونَ في تكملةِ تِلكَ المعلومات وقد يكذبُون، ولذا فإنَّ ما تأتي بهِ الجنُّ لإخبارِ الإنسِ قد يكونُ صادقاً وقد يكون كاذباً، لأنَّهم لا يستطيعونَ أن يُحَصِّلوا على المعلومات الكاملة، أجهزةُ التجسّس عندهم قُدرتها محدودة، هذا بحدود الثغراتِ عند الحدود. قَادُوهم إلى الخُسران، قَادُوهُم إلى الضلال، فهذا هو شأنُ الَّذي يعوذُ بالجن ولا يعوذُ بإمامِ زمانهِ.

في سورةِ الرحمن، وسورةُ الرَّحمن الخطابُ فيها على طولها: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان﴾، التثنية هنا للإنسِ والجن، الخطابُ للإنس والجن، ويُقَدَّم الجِنُّ في الخطاب لأنَّهُ كانَ مُهيمناً على الأرضِ قبل الإنس كانَ مخلوقاً قبل الإنس.

في الآيةِ الثالثةِ والثلاثين بعد البسملةِ وما بعدها: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا - بالإمكانات الَّتي تتوفَّرُ لديكم - لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَان ۞ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان ۞ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ - هذهِ أسلحةٌ في المناطقِ الَّتي يُمنعُ فيها التصوير، أليسَ عندنا في الأرضِ هُناك المناطقُ العسكريّةُ والأمنيّةُ يُكتبُ عليها هذهِ المناطقُ يُمنعُ فيها التصوير؟ الشُّواظُ هو اللهيبُ الطويلُ الحادُّ الَّذي ليسَ فيهِ دُخان، إنَّها نارٌ صافية.

النُّحاسُ هُو النُّحاس الَّذي نعرفهُ في كلامِ العرب، إنَّها أسلحةٌ - فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان﴾، هذا التطورُ العلميُّ الهائلُ وغزو الفضاءِ إشاراتٌ واضحةٌ تُشير إلى قُربِ عصر الظهور..

آلاءُ رَبِّي مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد، ولذا يُستحبُّ عند قراءةِ سُورةِ الرَّحمن وخُصوصاً في يومِ الجُمعة أن يقول القارئ بعد كُلِّ آيةٍ: "فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان"؛ لَا بِشَيءٍ مِن آلَاءِ رَبِّي أُكَذِّب.

في السورةِ نفسها هناك إشارةٌ إلى نحو الترابطِ بشكلٍ وبآخر في ما بين الجنِّ والإنس في الآيةِ الثانيةِ والسبعين وما بعدها بعد البسملة من سورةِ الرحمن: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ - في الجنان - فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان ۞ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ - هذا يعني أنَّ العلاقةَ مع الحور يُمكن أن تكون مع الإنسِ ويمكن أن تكون مع الجن، والحديثُ عن الجنان، وهذا يعني أنَّ الجنَّ في الجنان، وأنَّ الإنس في الجنان، وهذا لا يُغلِقُ البابَ أمام المخلوقاتِ الأخرى في هذا الكونِ الفسيح، وإلَّا لماذا في اليومِ الأولِ من أيَّام الله في يوم القائم يبدأُ التواصلُ بين سُكَّانِ السَّماواتِ، لا أتحدَّثُ عن الملائكةِ إنَّني أتحدَّثُ عن جابُلقا وجابُرسا وأمثالهما في عالم كوننا الفسيحِ الواسع..

في سورةِ الذاريات، الآيةِ السادسةِ والخمسين بعد البسملة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، والعبادةُ هُنا ما هي الصَّلاةُ، العبادةُ هنا الكونُ في دائرةِ الطاعةِ والعبوديّةِ لإمامِ زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، إنَّهُ التمهيدُ لصاحبِ الأمر، مثلما قالَ إمامنا الصَّادِقُ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه: (لَو أَدركتُهُ لَخَدمَتهُ أيَّامَ حَيَاتي)، هذهِ هي الغايةُ القصوى.

حديثي في هذهِ الحلقاتِ لا عن عظمةِ الحُجَّةِ بن الحسن، حديثي عن عظمةِ مشروعهِ عنواننا هو هذا: (المشروعُ المهدويُّ ما بين التَّعظيمِ والتَّقزيم)، فهذهِ الحلقاتُ أتمنَّى أن تكونَ خِدمةً مِنِّي لمشروعِ إمامِ زماني، وأن تكونَ خِدمةً منكم بسببي بسببِ قناة القمر أن تتواصلوا مع هذهِ المضامين ومع هذهِ الثقافةِ التعظيميّةِ النَّقيّة الَّتي تتبرَّأُ من قذاراتِ الأقزام ومن قذاراتِ المنهجِ التَّقزيمي القَذِر الطَّفِس.

المجموع :2591

العنوان الطول روابط البرنامج المجموعة الوثاق