هل كان إبليسُ ساذجاً وسَطحياً ونَظَر للظاهر(قاس) أمّ أنّه نَظَر للباطِن فاستكبرَ..؟!
- طول المقطع : 00:16:35
وصف للمقطع
مقطع من برنامج قرٱنهم ح 9
✤ وقفة قصيرة عند تساؤل ورد على سماحة الشيخ بشأن مضمون تَمّ بيانهُ في الحَلقاتِ المُتقدّمة يتعلّقُ بمَوقف إبليس حِين رفضَ السُجود لآدم واستعمل القياس وقال: {خلقتني من نارٍ وخلقتهُ مِن طين}
مضمون الاستفسار: هل كان إبليسُ ساذجاً وسَطحياً ونَظَر للظاهر فقط..؟ أمّ أنّه نَظَر للباطِن وأدرك عُمْق الباطن فاستكبرَ وأعرضَ عنه ووقف على الظاهر استكباراً وحسداً؟ لاسيّما وأنّ إبليس يَعلم الخَير كُلّه والشرّ كُلّه كما أشار لِذلك الشيخ في برامج سابقة
فكيف نَفهم حال إبليس مع كُلّ هذهِ المُلابسات التي أُشير إليها في التساؤل..؟!
■ الجواب عن هذا التساؤل سأجعله في نقاط سريعة:
• أولاً : إبليسُ يعلمُ الخَير كُلّه ويعلمُ الشرّ كُلّه لبديهةٍ نحنُ نعرفها: فإنّ إبليس ينهى عن كُلّ خيرٍ ويأمرُ بكلّ شرّ، فكيف ينهى عن شيء لا يعلمه؟ وكيف يأمرُ بشيءٍ لا يعلمه (قطْعاً هو يَعلمُ كُلّ خير، ويعلمُ بكلّ شر).
• ثانياً : إبليس يعرفُ ظواهر الأمور وبَواطنها، ومِن هُنا تأتي وساوسهُ التي بسببها نَشأتْ الفِرَق الباطنية، بغضّ النظر عن باطنٍ على حقٍّ وعن باطنٍ على باطل (فما كُلّ ما يُصطلحُ عليه "الباطن" هو باطِل، وما لا كُلّ ما يُصطلحُ عليه "باطل" هو باطن).
إنّي مؤمنٌ بظاهركم وباطنكم.. وللقرآن ظاهرٌ وباطن، والإيمانُ إيمانٌ بظاهر وباطن.. فإبليسُ يخلط بين الحقّ والباطل.
فإبليسُ يعرفُ الخَير كلّه، وإبليسُ يَعرف الشرّ كُلّه.. وقطعاً مِن فُروع الخَير كلّه ومِن فروع الشرّ كلّه أنّه سيعلمُ الظاهر والباطن.
• ثالثاً: إبليسُ أيضاً قاس الأمور بشكلٍ ساذج.. هذا قياسٌ ساذج الذي قاسه إبليس ووصل به إلى ما وصل إليه
المُشكلةُ ليستْ في أنّ إبليس يعلم أو لا يعلم.. هناكَ قضيّةٌ لابُدّ أن نلتفتَ إليها وهي:
العالم الذي يملكُ عِلْماً واسعاً (العالم الذي يَعلمُ الخَير كلّه ويعلمُ الشرّ كلّه) هل هذا العالم يَعمل بعلمه أو لا..؟! إذا لم يكن يعمل بعلمه فهو ليس بعالم.. العالم الذي يُسمّى عالماً بحقّ في ثقافة الكتاب والعترة هو الذي يعملُ بعلمهِ، أمّا هذا الذي لا يَعملُ بِعلمهِ فإنّه يُسمّى عالماً عَرَضاً.. لو كان هذا العِلمُ علماً نافعاً لانتفع منه، قد يكون هذا العلم بما هو علماً نافعاً، ولكن بالنسبة لهذا العالم لا يُعدّ علماً نافعاً لأنّه لم يعمل بهِ، ولم ينتفع منه. العالم هذا ماذا حصّل مِن علمهِ؟ هل استعملهُ في خيرٍ أم استعمله في شر..؟ إذا كان قد استعمله في شرّ فلا يُقال له عالم، وإنّما يُقال له (مُلبّس وكافر)، هكذا وصفه الإمام الصادق كما جاء في حديثهِ في تفسير الإمام العسكري وهو يتحدّث عن طائفة كبيرة مِن مراجع التقليد عند الشيعة ويَصِفُهم بهذا الوصف أنّه (مُلبّس كافر).
فهل الذي يُوصف بأنّه مُلبّس وكافر هل هو عالم؟ قد يكون عالماً بنظر الناس.. قد يكون عالماً بنظر نفسه.. قد يكون عالماً مِن جهة حصول صور المعلومات في ذهنه.. أمّا بِحسب الموازين الإلهيّة فهذا ليس بِعالم.. (هذا عَالمٌ جعلَ عِلمهُ في خدمة جهالتهِ وخدمةِ سفاهتهِ وخدمة تفاهتهِ وفي خِدمةِ هواه..)
● في سورة الجمعة وصفٌ لمثل هذا العالم في هذهِ الآية، قولهِ تعالى: {مَثَلُ الذينَ حُمّلوا التوراةَ ثُمّ لم يَحملوها كمَثَلِ الحمارِ يُحمل أسفارا...}
الآية تتحدّث عن علماء لم ينتفعوا مِن علمهم عملياً.. والذي لا ينتفع مِن علمهِ هذا ليس عالم، هذا حمار.. بل هو أسوأ مِن الحمار..!
لأنّ الحمار هو خُلِق هكذا.. ولِهذا الآية لم تقلْ أنّه حمار، وإنّما قالتْ: "كمثل الحمار" يعني أنّه أسوأ مِن الحِمار.. فإبليس بهذا المقياس حمار وأسوأ من الحمار، وهو يستحمر البشر.. هو يركب على البشر.. إبليس يستحمرُ العلماء!
العنوان | الطول | روابط | البرنامج | المجموعة | الوثاق |
---|