وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُون
وصف للمقطع

في الآيةِ التاسعةِ والأربعين بعد البسملةِ من سورة النحل: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُون﴾، فالْمَلائِكةُ لا يُقصَدُونَ بهذا العنوان (دَوَابِّ السَّماء)، فلقد ذُكِروا إلى جانبِ دَوابِّ السَّماء، والْمَلائِكَةُ جاءت الكلمةُ مرفوعةً لأنَّها عُطِفت ليسَ على الدَّابَّةِ وإنَّما عُطِفت على الفاعلِ للفعلِ (يَسْجُدُ)، ولِلَّهِ يَسْجُدُ كُلُّ دَوَابِّ السَّماواتِ والأرض والْمَلائِكةُ أيضاً، فما هُم من دُوابِّ السَّماوات.

القُرآنُ حدَّثنا عن شيءٍ عجيبٍ في سورةِ الذاريات، الآيةِ السابعةِ والأربعين، وكذلك في الآيةِ الَّتي بعدها، بعد البسملة: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ - بِأَيْدٍ؛ بأسبابٍ - وَإِنَّا لَمُوسِعُون ۞ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُون﴾، الأرضُ لا تتوسَّع هي هي، لكنَّ السَّماءَ تتوسَّع، السَّماءُ في حالةِ توسُّع، القُرآنُ هو الَّذي يقول.

نحنُ مع هذهِ الآيات: "وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ"؛ هُناكَ أسباب، هُناكَ وسائل، هُناكَ قوانين، هُناك سُنن، تحكُمُ هذا الكون، بِأَيْدٍ؛ الإشارةُ إلى كُلِّ ذلك، إلى الوسائلِ والأسبابِ والقوانينِ والسُّنن.

"وَإِنَّا لَمُوسِعُون"؛ هناك تأكيدٌ (وَإِنَّا)، (وَإِنَّا) في أصلها: (وإنَّنا)، ولكن لتأكيد المعنى تمتزجُ الكلمتان، وإنَّنا وإنَّا لَمُوسِعُون وهذهِ لامٌ توكيديَّة.

الْمُوسِعُ اسمُ فاعل، والفاعِلُ فيهِ دِلالةٌ على الحالِ والاستقبال، هناك توسّعٌ في السَّماء، إذا جمعنا هذا معَ الآياتِ السابقةِ الَّتي تتحدَّثُ عن بَثِّ الدَّوابِّ في السَّماوات، هذا يعني أنَّ السَّماء كُلَّما تتوسَّع كُلَّما ازدادَ بَثُّ الدَّوابِّ فيها، يُخبِرنا هذا بِكثرة المخلوقاتِ في هذا الكون.

حينما كانَ الحديثُ عن الأرض - وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُون﴾، لا يوجدُ تَوسُّعٌ في الأرض، "وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا"، وانتهى الأمر - فَنِعْمَ الْمَاهِدُون﴾، إنَّنا فرشناها ومَهَّدنَاهَا لعيشكم ولحياتكم لدَوابِّ الأرضِ، فالأرضُ قد فُرِشت وتمَّ فَرشُها، وليس هناك من توسُّعٍ فيها، بينما السَّماءُ هي في حالةٍ توسُّعٍ مُستمر، بحسبِ نظريّةِ التضخّم الكوني التوسُّعُ لا يَحدُثُ في المجرَّةِ وإنَّما يحدثُ خارج المجرَّة.

المجموع :2625

العنوان الطول روابط البرنامج المجموعة الوثاق