إِذَا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهُم (بني العبَّاس) وَطَلَعَ القَرْنُ ذُو الشِّفَاء
وصف للمقطع

كتابُ (الفِتَن) لابنِ حمَّاد.

الطبعة نفسها الَّتي أشرتُ إليها في الحلقةِ الماضية، صفحة (173)، رقم الحديث (800): بِسَندهِ، عَن جَابرٍ الجُعفي، عَن إِمَامِنا البَاقِرِ صَلواتُ اللهِ عَلَيه: إِذَا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهُم - الروايةُ بدأت مبتورةً، إذا اختلفت كلمةُ بني العبَّاس لأنَّ الأحداث الَّتي تأتي في الروايةِ ترتبطُ بالزَّمان الَّذي يختلفُ فيهِ العبَّاسيّون في بغداد، في العراق - وَطَلَعَ القَرْنُ ذُو الشِّفَاء - وفي النُّسخِ الصحيحةِ من كتب المخالفين: (وَطَلَع القَرنُ ذُو الشِّفَاه) وليس ذو الشفاء، القرنُ ذُو الشِّفاه يُرادُ منهُ النَّجمُ الـمُذنَّبُ الَّذي سيظهرُ في السَّماء في الزَّمانِ القريبِ من وقتِ ظُهورِ إمامِ زماننا، لماذا أُطلق عليهِ هذا العنوان (القَرنُ ذُو الشِّفاه)؟ أُطلِقَ عليهِ هذا العنوان لأنَّ رأس الـمُذنَّبِ يبدو وكأنَّهُ قرنٌ، وأمَّا ما وُصِف بأنَّهُ ذُو الشِّفاه، الشِّفاه جمعٌ لشفةٍ، هكذا جاء في وصفِ هذا الـمُذنَّبِ في كُتب المخالفين؛ مِن أنَّ ذنبيه الخلفيِّين إذا ما نُظرَ إليهما حينما يقتربانِ من بعضهما فكأنَّهُما شِفتان كشفتي الإنسان - ذُو الشِّفَاه لَم يَلبَثُوا إِلَّا يَسِيراً حَتَّى يَظْهَرَ الأَبْقَعُ بِمِصر - الأبقعُ هل هو الأبقعُ في وجههِ وهي صفةٌ تقالُ للأبرص للمُصابِ بهذا المرض الجلدي، أم أنَّهُ قد أُصيبَ بمرضٍ آخر أدَّى إلى تبقيع وجههِ تبقيع بدنهِ، أم أنَّهُ الأبقعُ من جهةِ ملابسهِ العسكريَّةِ، فإنَّ الملابسَ العسكريَّةَ في زماننا خُصوصاً الَّتي تلبسها القُوَّاتُ الخاصَّة هذهِ الملابسُ المرقَّطة ملابسُ القُوَّاتِ الخاصَّة أو ملابسُ القُوَّاتِ الصَّاعقة، قُوَّاتُ الصَّاعقة يلبسونَ ملابساً عسكريّةً مُرقّطةً مُبقَّعةً، هذا الوصفُ وصفُ الملابسِ المبقَّعة ينطبقُ انطباقاً كاملاً على ملابسِ الجيشِ الأمريكي. أنا لا أقولُ إنَّ الرواية تتحدَّثُ عن الأمريكان لكنَّني أُقرِّبُ الفكرة لكم..

أم أنَّ الأبقع هو لونٌ لرايتهِ أم أنَّهُ فعلاً لهُ لقبٌ يُلقَّبُ بهِ أكانَ علنيَّاً أم كانَ سريَّاً. هُناكَ راياتٌ في الشامِ؛ رايةُ الأبقع، ورايةُ الأبرص ذُكرت في بعض الأحاديث، ورايةُ الأصهب، وقد يكونُ الأبرصُ هو الأبقع، وقد يكونُ الأبرصُ هو الأصهب، هُناكَ راياتٌ عديدةٌ.

- يَقْتُلُونَ النَّاسَ - هذهِ الرَّاياتُ المختلفةُ في الشامِ - حَتَّى يَبلُغُواْ إِرَم - إِرم عنوانٌ قديمٌ لمدينةِ دمشق - إِذَا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهُم - رُبَّما يُرادُ من اختلاف الكلمةِ هنا اختلافُ كلمةِ أهل الشام، وإن كانَ السياقُ يُساعدُ على المعنى الأوَّل - ثُمَّ يَثُورُ الـمُشوَّهُ عَلَيه - يَثُورُ الـمُشوَّهُ عليه يَثُورُ على الأبقع وعلى الرَّايات الَّتي معهُ، الـمُشوّهُ في رواياتنا وصفٌ للسُّفياني، لأنَّ السُّفيانيَّ هُناكَ تشويهٌ في وجههِ، وهُناكَ قسوةٌ في نظراتهِ بحسبِ الرواياتِ فإنَّ النَّاظرَ إليهِ تُصيبهُ الوحشة، هذهِ الوحشةُ تأتي من خِلالِ نظراتِ عُيونهِ بالدرجةِ الأولى ومن خِلالِ شيءٍ من التشويهِ في وجههِ، فَهُناكَ أثرُ الجُدَري واضحٌ في عارضيه في وجههِ، ولكن في الروايةِ هنا وفي رواياتٍ أخرى في هذا الكتابِ وغيرهِ؛ الـمُشوَّهُ شخصيَّةٌ أخرى.

-فَتَكُونُ بَينَهُمَا مَلْحَمَةٌ عَظِيمَة - أين هذا؟ في الشام - ثُمَّ يَظْهَرُ السُّفيَانِيُّ الـمَلعُون فَيَظْفُرُ بِهِمَا جَمِيْعَاً - بالأبقعِ وبالـمُشوَّه الَّذي هو الأصهب أو الَّذي هو الأبرص ورُبَّما الأبرصُ هو الأصهب - وَيُرفَعُ قَبلَ ذَلِك - قبلَ هذهِ الأحداثِ في الشام، إنَّها فتنةُ الشامِ المستديمة، لكن قبل أن تصل الفتنةُ الشاميةُ إلى أعلاها، بحسب المطبوعِ - اِثْنَتِي عَشَرَةَ رَايَةً بِالكُوفَةِ مَعْرُوفَة - يُفترَضُ: (وَيُرفَعُ قَبلَ ذَلِكَ اِثْنَتَا عَشَرَةَ رَايَةً بِالكُوفَةِ مَعْرُوفَة) وليس اثنتي عشرة رايةً - وَيُقتَلُ بِالكُوفَةِ - قبل ظهور السُّفياني وبعد ارتفاعِ هذهِ الرَّايات - وَيُقْتَلُ بِالكُوفَةِ رَجُلٌ مِن ولد الحُسَينِ يَدْعُو إِلَى أَبِيه - هُو جزءٌ من هذهِ الرَّايات، هذهِ راياتٌ ضالّةٌ مختلفةٌ، الوقائعُ متقاربةٌ.

ما تقدَّم من بياناتٍ في الحلقةِ الماضية وفيما مرَّ من وقتِ هذهِ الحلقة بمثابةِ مُقدِّمةٍ كي أصلَ إلى الروايةِ نفسها الَّتي تتحدَّثُ عن هذهِ العلامة، سأقرأُ النَّص عليكم من (غَيْبَة النُّعماني)، وقد قرأتهُ عليكم في بدايةِ حلقةِ يوم أمس.

الطبعةُ الَّتي أشرتُ إليها في الحلقةِ الماضية في الصفحةِ الخامسةِ والثمانين بعد المئتين، الحديثُ السابعُ والخمسون: بِسندهِ - بسندِ النُّعماني - عَن خَالِدٍ القَلانِسي، عَن إِمَامِنا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه: إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوْفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ مِمَا يَلِي دَارَ ابْنِ مَسْعُود فَعِنْدَ ذَلِك زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلَان - إنَّما يزولُ مُلْكُ بني فُلان على يد الخراساني والسُّفياني، فإذا ما أدركنا هذا الوقت فإنَّنا قد أصبحنا قريبينَ من يومِ ظهورِ الحُجَّةِ بن الحسن - أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيه - سأقفُ على الروايةِ هذهِ كي أُدقِّق ولو بنحوٍ إجماليٍّ في مُفرداتها وتفاصيلها.

الإمامُ الصَّادقُ هكذا قال: إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ الكُوْفَة - حائطُ المسجدِ معروفٌ هذا البناءُ الَّذي يُسَيِّجُ المسجد، وهو حائطٌ مُرتفعٌ وعريضٌ سميكٌ وبناؤهُ في جذورهِ وأساساتهِ بناءٌ قديمٌ، ما المرادُ من الهدم؟

الهدمُ في اللغةِ على مستويين:

المستوى الأوَّل: هو إزالةُ البناءِ بشكلٍ كامل، الحديثُ عن هدمِ حائطِ مسجد الكوفةِ من مُؤخَّرهِ، ليسَ هدماً لِكُلِّ حائط المسجد، وإنَّما هُوَ هدمٌ لجهةٍ من الحائط، لجانبٍ من الحائط، لجزءٍ من الحائط، لو كانَ الهدمُ لِكُلِّ حائطِ مسجد الكوفةِ لقال الإمامُ مِن أنَّ مسجد الكوفةِ سَيُهدم، الإمامُ لم يتحدَّث عن هدمٍ لمسجد الكوفة، وإنَّما تحدَّثَ عن هدمٍ في حائطِ مسجد الكوفةِ من جهةٍ من جهاتهِ من مُؤخَّرهِ، فهل هذا سيكونُ نقضاً للبناءِ بشكلٍ كامل بحسب المعنى الأوَّل للهدم، أم أنَّ المراد المعنى الثاني؟

المعنى الثاني: أن يحدُث تخريب، أن يحدث تخريبٌ في بناءِ الحائط. قطعاً التخريبُ الجزئيُّ لا يُقالُ لهُ هدم، التخريبُ الجزئيُّ قد يُقالُ لهُ ثَلْم مثلاً، وهناك تعابير أخرى.

المجموع :2701