إِذَا هُدِمَ حَائِط مسجِد الكُوْفَةِ من مُؤَخّرِه فعند ذلك زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلَان
وصف للمقطع

بسندِ النُّعماني - عَن خَالِدٍ القَلانِسي، عَن إِمَامِنا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه: إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوْفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ مِمَا يَلِي دَارَ ابْنِ مَسْعُود فَعِنْدَ ذَلِك زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلَان - إنَّما يزولُ مُلْكُ بني فُلان على يد الخراساني والسُّفياني، فإذا ما أدركنا هذا الوقت فإنَّنا قد أصبحنا قريبينَ من يومِ ظهورِ الحُجَّةِ بن الحسن - أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيه - سأقفُ على الروايةِ هذهِ كي أُدقِّق ولو بنحوٍ إجماليٍّ في مُفرداتها وتفاصيلها.

الإمامُ الصَّادقُ هكذا قال: إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ الكُوْفَة - حائطُ المسجدِ معروفٌ هذا البناءُ الَّذي يُسَيِّجُ المسجد، وهو حائطٌ مُرتفعٌ وعريضٌ سميكٌ وبناؤهُ في جذورهِ وأساساتهِ بناءٌ قديمٌ، ما المرادُ من الهدم؟

الهدمُ في اللغةِ على مستويين:

المستوى الأوَّل: هو إزالةُ البناءِ بشكلٍ كامل، الحديثُ عن هدمِ حائطِ مسجد الكوفةِ من مُؤخَّرهِ، ليسَ هدماً لِكُلِّ حائط المسجد، وإنَّما هُوَ هدمٌ لجهةٍ من الحائط، لجانبٍ من الحائط، لجزءٍ من الحائط، لو كانَ الهدمُ لِكُلِّ حائطِ مسجد الكوفةِ لقال الإمامُ مِن أنَّ مسجد الكوفةِ سَيُهدم، الإمامُ لم يتحدَّث عن هدمٍ لمسجد الكوفة، وإنَّما تحدَّثَ عن هدمٍ في حائطِ مسجد الكوفةِ من جهةٍ من جهاتهِ من مُؤخَّرهِ، فهل هذا سيكونُ نقضاً للبناءِ بشكلٍ كامل بحسب المعنى الأوَّل للهدم، أم أنَّ المراد المعنى الثاني؟

المعنى الثاني: أن يحدُث تخريب، أن يحدث تخريبٌ في بناءِ الحائط. قطعاً التخريبُ الجزئيُّ لا يُقالُ لهُ هدم، التخريبُ الجزئيُّ قد يُقالُ لهُ ثَلْم مثلاً، وهناك تعابير أخرى.

في القُرآن:

نحنُ نتحدَّثُ عن أسرارِ العربيّةِ فأين نجدها؟ نجدها في قُرآننا وفي حديث العترةِ الطاهرة، هذهِ المادَّةُ مادَّة الهدم ذُكرت مرَّةً واحدة في الكتاب الكريم في سورة الحج في الآيةِ الأربعين بعد البسملة وفي سياقٍ هو هو السياقُ الَّذي نتحدَّثُ عنه: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً﴾، إلى آخر الآيةِ الكريمة.

الَّذي نحتاجهُ هو الَّذي قرأتهُ عليكم من الآية: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ - هذهِ سُنَّةُ التدافع، لا أريدُ الحديثَ عنها - لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً﴾، الصيغةُ جاءت هنا مبنيَّةً للمجهول، الروايةُ أيضاً: (إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجد الكُوفَة)، جاءَ الفعلُ مبنيَّاً للمجهول، السياقُ هوَ السياق، هذهِ بناياتٌ تُبنى لأجل العبادة، صَوَامِع، بِيَع، صَلَوات ومساجد، لا أريدُ أيضاً أن أدخلَ في التفاصيلِ المعنويَّةِ واللغويَّةِ لهذهِ الكلمات.

ما المرادُ من تهديمها هنا؟ هل الحديثُ عن تهديمها بما هو تهديمٌ؟ قطعاً لا، الحديثُ عن تهديمها الَّذي يُؤدِّي إلى عدمِ الانتفاعِ منها في العبادةِ وذكرِ الله، والحالةُ هذهِ لها صُورتان:

- الصورةُ الأولى: أن تُنقَضَ هذهِ الأبنيةُ نقضاً تامَّاً إنَّها إزالةٌ للبناء.

- أو أنَّها تُخرَّبُ تخريباً كبيراً بحيث لا تعودُ نافعةً للغرض الَّذي أُسِّست لأجلهِ.

فالتهديمُ يشملُ المعنيين، وهذا هو الَّذي حدَّثتكم عنهُ قبل قليلٍ.