إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوفَة مِن مُؤَخَّرِهِ
- طول المقطع : 1:13:18
- مقطع من برنامج : الخاتمة_291 - يا امام هل من خبر ج62
وصف للمقطع
في غَيْبَةُ النُّعماني.
من أفضل الكُتُبِ الَّتي أُلِّفت في موضوعِ معرفة الإمامِ، في موضوعِ الثقافةِ المهدويَّة / طبعة أنوار الهدى/ قم المقدَّسة/ الطبعةُ الأولى/ الصفحة الخامسة والثمانين بعد المئتين/ الحديثُ السابعُ والخمسون: بِسَندهِ، عَن خَالِدٍ القَلَانِسي، عَن إِمَامِنَا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه، إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوفَة مِن مُؤَخَّرِهِ - مِن مُؤخَّرِ المسجد وليسَ من مُؤخَّرِ الحائط، فلا معنى لأن يُقالَ في مسجدٍ مُربَّعٍ اتَّصلت حيطانهُ فيما بينها أن يكونَ الكلامُ عن مُؤخَّرِ الحائطِ في هذا السياق، فضلاً عن أنَّ الضميرَ بحسبِ آداب العربيّةِ يعودُ على الأقرب، إلَّا إذا دَلَّ دليلٌ على أنَّ الضميرَ لا يعودُ على الأقرب - مِمَّا يَلِي دَارَ ابْنِ مَسْعُود - وهذهِ قرينةٌ أخرى على أنَّ المؤخَّرَ هُو مُؤخَّرُ المسجد وليسَ الحائط - فَعِنْدَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلان - في بعض المصادرِ (فَعِندَ ذَلِك زَوَالُ مُلكِ بَني العَبَّاس)، هذا العنوانُ (بنو فلان) معروفٌ في أحاديث العترةِ الَّتي تتناولُ الشؤون المهدويَّة يُرادُ منهُ في الأعمّ الأغلب إن لم يَكُن في جميع الحالات يُرادُ منهُ بنو العبّاس، ابنُ مسعودٍ هذا هوَ عبدُ الله بن مسعود الصحابيُّ المعروف - أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيه - سنأتي على تفاصيلِ الروايةِ شيئاً فشيئاً، هذا هو النصُّ النموذجيُّ للحديثِ في مضمونِ هذهِ العلامة.
جاء مذكوراً في (غَيْبَة الطوسي) أيضاً:
طبعة مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت/ لبنان/ والطوسيُّ هو المعروفُ بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 للهجرة، يعني بالضبط بعد وفاة النُّعماني بقرنٍ كامل، صفحة (277): عَن الحُسَينِ بنِ الـمُختَار، عَن أَبِي عَبد الله - في الأعمِّ الأغلبِ نُقولاتُ الطوسي ليست دقيقةً في كُتبهِ الحديثيَّة، النُّعمانيُّ نَقَلَ الرواية عن خالدٍ القلانسي، وخالدٌ القلانسي نقلها عن الحُسين بن مُختار، هنا مباشرةً نقل الروايةَ عن الحُسين بن الـمُختار، فسقط اسمُ خالد القلانسي، وأيضاً سقط من الـمَتن الحرفُ (من)؛ (إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوفَة مُؤَخَّرهِ)، من دون (من)، كيفَ قُرئت بالجر هنا كيف قرأتها بالجرِّ هنا؟ لأنَّها، وهذهِ الصياغة ستكونُ بدلاً من مسجدِ الكوفة، هذا بدلُ بعضٍ من كُلِّ هكذا يقالُ لهُ، نحنُ عندنا بدلُ الاشتمالِ مثلاً، وعندنا بدل الكُلِّ من الكُل، وعندنا بدلُ البعضِ من الكُل، فهذا بدلُ البعضِ من الكُل.
فلأنَّ (مسجد) جاءت هذهِ الكلمةُ مجرورةً بالإضافةِ فكلمةُ مسجد أُضيفت إلى حائط، فجاءت هذهِ الكلمة (مُؤخَّرهِ) جاءت بدل بعضٍ عن كُل، لأنَّ مُؤخَّرَ المسجدِ هو بعضهُ.
-إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِد الكُوفَةِ مُؤَخَّرِهِ مِمَّا يَلِي دَارَ عَبد الله بنِ مَسعُود فَعِندَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلان، أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيه.
هناك روايةٌ أيضاً ذكرها الطوسي صفحة (288) بخصوصِ مسجد الكوفة: بِسَندهِ، عَن الأَصْبَغ بنِ نُبَاتَة - من أصحابِ أمير المؤمنين - قَالَ: قَالَ أَمِير المؤمنين صلواتُ اللهِ عليه فِي حَدِيثٍ لَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَسْجِدِ الكُوفَة وَكَانَ مَبنِيّاً بِخَزَفٍ وَدِنَانٍ وَطِين - حتَّى انتهى إلى مسجد الكوفة، يبدو أنَّهُ كانَ يتمشَّى ويتحدَّثُ معَ الأصبغِ بن نُباتة أو معَ آخرين، فكانَ مُسترسلاً في حديثهِ حتَّى وصلَ إلى مسجدِ الكوفة أيَّامَ خِلافتهِ في الكوفة، قد يقولُ قائلٌ: رُبَّما مُرادُ الأصبغِ بنِ نُباتة من أنَّ الأميرَ كانَ جالساً في مكانٍ ما وكان يتحدَّثُ في موضوعٍ مُعيَّنٍ إلى أن وصل في حديثهِ أن ذَكَر مسجد الكوفة، بقيَّة الروايةِ لا تُعينُ على هذا الفهم، وإنَّما تُؤكِّدُ الفهم الَّذي أشرتُ إليه.
الأصبغُ بنُ نُباتة يقول: كانَ المسجدُ مبنيَّاً أيَّامَ الأمير صلواتُ الله وسلامهُ عليه مبنيَّاً بخزفٍ، الخزفُ هو الطينُ المطبوخُ بالنَّار إنَّهُ الطابوق، الدِّنَانُ هي الجِرارُ، يُقالُ مثلاً دِنانُ الخمر، فما المرادُ من أنَّ مسجد الكوفةِ قد بُني بخزفٍ ودِنانٍ وطين؟ كانَ هُناكَ مِن البنَّائِينَ من يستعملونَ هذا الأسلوب يأتونَ بالجرارِ ويملؤونها بالطينِ ثُمَّ يضعونَ الجِرارَ بشكلٍ هندسيٍّ ويجعلونها بمثابةِ وحداتٍ لبناءِ الأسيجة العالية فهذا هو المراد - فَقَالَ - أميرُ المؤمنين - وَيْلٌ لِمَن هَدَمَك - الإمامُ يتحدَّثُ عن مُستقبلِ الأيَّام، فإنَّ زياد بن أبيه سيهدمُ المسجد وسيُعيدُ بناءهُ وسَيُحرِّفُ القبلة حينما يُعيدُ بناءه - وَيْلٌ لِمَن هَدَمَك وَوَيْلٌ لِمَن سَهَّلَ هَدْمَك وَوَيْلٌ لِبَانِيكَ بِالْمَطبُوخ - بالطابوق - الـمُغَيِّرِ قِبلَةَ نُوْح - لماذا أشارَ أمير المؤمنين إلى نوح؟ لأنَّ مسجد الكوفةِ كانَ موجوداً منذُ زمانِ أبينا آدم وكان مبنيَّاً فلمَّا جاء الطوفانُ هَدَمَهُ هَدَمَ المسجد، نوحٌ أعادَ بناءهُ، فالقبلةُ هي قبلةُ نوح، لأنَّهُ هو الباني، هذا لا يعني أنَّ بناء نوحٍ بقي على حالهِ فقد تعرَّض المسجدُ لعمليّةِ هدمٍ أيَّامَ الأكاسرة أيَّامَ الفُرس، تعرَّض لهدمٍ مُتكرِّرٍ عِبرَ التأريخ - طُوبَى - ثُمَّ بعد ذلك الإمامُ يُغَيِّرُ كلامهُ مِن (وَيلٍ) إلى (طُوبَى).
طُوبى في لغة العرب: تعني هنيئاً ونعيماً، تعني مُباركاً لك يا من أقولُ لكَ طُوبى، وطُوبى في ثقافة العترةِ هي شجرةٌ جنانيَّةٌ في بيتِ أمير المؤمنين، شجرةُ طوبى تتدلَّى أغصانُها في بُيوتِ شيعةِ عليٍّ في الجنان، وتتدلّى أغصانُها الملكوتيّةُ في عالَمنا الدنيوي تتدلَّى أيضاً في بُيوتِ شيعةِ عليٍّ تتدلَّى في قلوبهم.
- طُوبَى طُوبَى لِمَن شَهِدَ هَدْمَك مَعَ قَائِمِ أَهْل بَيْتِي - الاهتمامُ بمسجد الكوفةِ لأنَّ مسجدَ الكوفةِ هوَ جزءٌ من المنظومةِ العقائديَّةِ لمدينة الكوفة، مثلما حدَّثتكم عن المنظومةِ العقائديَّةِ لمدينةِ قم. وهذا المسجدُ مثلما ارتبط بعليٍّ صلواتُ اللهِ عليه سيرتبطُ بقائمِ آلِ مُحَمَّدٍ عند ظهورهِ الشريف.
-طُوبَى طُوبَى لِمَن شَهِدَ هَدْمَك مَع قَائِمِ أَهْل بَيْتِي - لماذا؟ فإنَّ المسجدَ في أيَّامنا ما هو على أرضهِ الكاملة، المساحاتُ المحيطةُ بالمسجدِ الَّتي هي في وقتنا الحاضر خارجةٌ عن المسجد هي جزءٌ من المسجدِ، أتحدَّثُ عن المسجدِ أيَّام أبينا آدم، وعن المسجدِ أيَّام أبينا نوح في أصلِ تأسيسهِ، أحاديثُ أهل البيت هي الَّتي أخبرتنا، ولذا فإنَّ صاحب الأمر سيهدمُ المسجدَ الموجود كي يُعيد بناءهُ على تمامِ أرضهِ الأصل بحيث سيكونُ واسعاً جِدَّاً، هُناكَ مِساحةٌ كبيرة قد انتُقصت وأُخذت من أرض المسجد عِبر عمليّات الهدم المتكرِّرة عِبرَ العصور - أُوْلَئِكَ أَوْلَئِكَ خِيَارُ الأُمَّةِ - إنَّهم أصحابُ القائمِ أشياعهُ أنصارهُ - أَوْلَئِكَ خِيَارُ الأُمَّةِ مَعَ أَبْرَار العِتْرَةِ - معَ أَبرار العِترةِ؛ إنَّهم أئِمَّتُنا، أئِمَّتُنا سيكونُ لهم وجودٌ في زمان القائمِ بنحوٍ من الأنحاء، والحُسينُ بشكلٍ خاصّ سيكونُ موجوداً في آخرِ العصر القائمي تمهيداً لمرحلة الرَّجْعَة.
في (الخرائجِ والجرائح) لقطب الدِّين الراوندي:
الجزءُ الثالث من طبعةِ مؤسَّسة الإمام المهديّ/ قم المقدَّسة/ صفحة (1163) لأنَّهم قد رقَّموا الأجزاء الثلاثة معاً: عَن إِمَامِنَا الصَّادِق صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه - إنَّهُ الحديثُ هو هو - إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسجد الكُوفَة مُؤخَّرِهِ مِمَّا يَلِي دَارَ عَبد الله بن مَسْعُود فَعِندَ ذَلِك زَوَالُ مُلْكِ بَني فُلَان، أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيه.
في إلزام النَّاصب للمُحدِّث علي اليزدي الحائري:
طبعةُ دار التوحيد، بيروت، لبنان، صفحة (125): عن إمامنا الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، مِن أنَّهُ سُئِلَ عَن ظُهُورِ الحُجَّة بن الحَسَن - سُئِل الصَّادِقُ عن ظهورهِ - فَقَال: إِذَا حَكَمَت فِي الدَّوْلَةِ الخُصْيَانُ وَالنُّسْوَان وَأَخَذَت الإِمَارَة الشُّبَّانُ وَالصِّبْيَان وَخَرُبَ - وربَّما وخُرِّبَ - وَخَرُبَ جَامِعُ الكُوفَةِ مِنَ العُمْرَان، وَانْعَقَدَت الجِيرَان، فَذَلِكَ الوَقتُ زَوالُ مُلكِ بَني عَمِّي العَبَّاس وَظُهورُ قَائِمَنا أهلِ البَيْت - الكلامُ واضحٌ وواضحٌ جِدَّاً.
- وَخَرُبَ جَامِعُ الكُوفَةِ مِنَ العُمْرَان - هذا التعبيرُ دقيقٌ جِدَّاً ورُبَّما يكشفُ لنا شيئاً نحنُ لا نعرفهُ ولا يعرفهُ الآخرون، من أنَّ الخرابَ الَّذي سيلحقُ المسجد ليسَ بقصدِ تخريبهِ وإنَّما هُناكَ عمرانٌ قد يكونُ هذا العمرانُ في المسجدِ نفسهِ أو في المناطق المجاورةِ للمسجدِ تُؤدِّي إلى خرابهِ، هذهِ معلومةٌ مُهمَّةٌ جِدَّاً..!!
الإمام ما قالَ: وصارَ جامعُ الكوفةِ خليَّاً من العمران، لم يبق فيهِ شيءٌ من العمران، الإمامُ قال هكذا: (خَرُبَ) هُناكَ خرابٌ سيكونُ في جامع الكوفةِ، السَّببُ مِن أين يبدأ؟ من العمران، فالتخريبُ إذاً في جامع الكوفةِ لن يكونَ من عدوٍّ قاصدٍ لتخريبهِ وتهديمهِ - وَخَرُب جَامِعُ الكُوفَةِ مِنَ العُمْرَان وَانْعَقَدَت الجِيرَان - وانعقدت الجيران الَّذي يبدو لي من هذا التعبيرِ أنَّ البناءَ وأنَّ البيوتَ وأنَّ الإعمارَ سيكونُ مُتواصلاً ومُحيطاً بالمسجدِ من جميعِ جهاتهِ، ولرُبَّما بسببِ العُمرانِ فيما انعقد حولهُ سيؤدِّي ذلك إلى خرابٍ في بعضهِ، أقولُ رُبَّما، أنا لا أعلمُ الغَيْبَ ولا أمتلكُ الحقيقة الكاملة، وإنَّما انظرُ إلى الرواياتِ وإلى وجهِ دقّتها وتفاصيلِ تعابيرها مع النظرِ إلى الواقع الَّذي نُعايشهُ.
-وَانْعَقَدَت الجِيرَان فَذَلِكَ الوَقتُ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي عَمّي العَبَّاس وَظُهورُ قَائِمنا أَهل البَيت - هذهِ علامةٌ مُهمَّةٌ الهدمُ الخرابُ في حائطِ مسجد الكوفة علامةٌ يُمكننا أن نتلمَّسها، يُمكننا أن نتحسَّسها وهي جزءٌ من واقع الحياة اليومي ما هي بعلامةٍ كونيَّةٍ مثلاً في الفضاء.
في (المزار الكبير) المعروف بمزارِ ابن المشهدي: من كُتُبنا القديمةِ ومِن كُتُبنا المعروفةِ من جوامعِ الزياراتِ والأدعية.
طبعةُ مؤسَّسةِ النشر الإسلامي/ الطبعةُ الأولى/ 1419 هجري قمري/ قم المقدَّسة/ من أعلامِ القرنِ السادس الهجري، صفحة (129)، هُناكَ حديثٌ منقولٌ عن حُذيفة بن اليمان، وحذيفةُ يُحدِّثُ عن رسول الله وعن أميرِ المؤمنين، جاء في هذا الحديثِ: "مِن أنَّ مَسجد الكوفةِ قد نَقُصَ مِنهُ اِثنا عشرَ أَلف ذِرَاع"، مساحةٌ واسعةٌ جِدَّاً، اثنا عشر ألف ذراع يعني ستة آلاف متر مساحةٌ واسعة، هناكَ تفاصيلُ أخرى أنا لا أريدُ أن أُحدِّثَكُم عن كُلِّ التفاصيلِ، إنَّما آتيكم بنماذجَ من المعلوماتِ والمعطياتِ الَّتي تُخبِركُم بشكلٍ واضحٍ عن عظمةِ هذا المسجد وعن أهميَّةِ هذا المسجدِ في ثقافةِ العترةِ الطاهرة وعن ارتباطهِ الوثيق بالمشروع المهدويِّ الأعظم.
في الجزء الأوّل من كتاب الفقيه.
للشيخ الصَّدوق، المتوفّى سنة 381 للهجرة/ طبعةُ مؤسَّسةِ النشر الإسلامي/ قم المقدَّسة/ صفحة 230/ الحديثُ الثاني عشر: عَن إِمَامِنا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه: حَدُّ مَسجد الكُوفَةِ آخِرُ السَّرَّاجِين - نحنُ لا نملكُ تحديداً دقيقاً إلى موضعِ السَّرَّاجين في سوق الكوفة، السَّرَّاجُونَ هم الَّذين يشتغلونَ في صناعةِ ما كان يُستعملُ سراجاً، ما كانَ يُستعمَلُ وسيلةً للإنارةِ في البُيوت، وكانوا أيضاً يشتغلون في استخراجِ وجمعِ الزُّيوت الَّتي يحتاجها الناسُ في إضاءةِ تلكَ الوسائل، ولذا في آخرِ سوق السَّرَّاجين هُنالَكَ الزَّيَّاتُون، السَّرَّاجُون والزَّيَّاتون، وهؤلاءِ كانوا بحسب القرائنِ الَّتي تَصِفُ مدينة الكوفةِ آنذاك هم يكونونَ في آخر السوق وكانَ سوقُ الكوفةِ ممتدّاً من شمالِ المسجدِ إلى نهايةِ مشرق المسجدِ.
- خَطَّهُ آدَمُ عَلَيهِ السَّلام - خَطَّ المسجد - وَأَنَا أَكْرَهُ أَن أَدْخُلَهُ رَاكِبَاً - أن أدخل السوقَ سوقَ السَّرَّاجين - قِيلَ لَهُ: فَمَن غَيَّرَهُ عَن خُطَّتِهِ؟ - مَن الَّذي جعلَ المسجد بهذهِ المساحةِ الموجودةِ الآن؟ - قَالَ: أَمَّا أوَّلُ ذَلِك فَالطُّوفَان فِي زَمَنِ نُوحٍ عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ - بعد أن أعادهُ نوح - ثُمَّ غَيَّرَهُ أَصْحَابُ كِسْرَى وَالنُّعْمَان - إنَّهُ النُّعمانُ بن المنذرِ بن ماء السماء اللخمي، الَّذي كان ملكاً على العرب في الدولة الَّتي تُعرَفُ في التاريخِ بمملكةِ المناذرة - ثُمَّ غَيَّرَهُ زِيَادٌ بنُ أَبِي سُفيان - فإمَامُنا الصَّادقُ كانَ يكرهُ حينما كانَ في الكوفةِ فقد قضى ردحاً من الزَّمانِ في الكوفةِ إِمَامُنا الصَّادق في بدايةِ الدَّولةِ العبَّاسيّة، وكان يكرهُ أن يدخل إلى السوقِ وهو على دابَّتهِ احتراماً لأرض السوقِ الَّتي هي أرضُ المسجد.
في الكافي:
الجزء الثالثُ/ طبعة دار التعارف/ بيروت/ لبنان/ صفحة 486/ الحديثُ الثالث من الباب المرقَّم 268/ في فضلِ مسجد الكوفة، لا أقرأ الحديث كُلَّهُ لأنَّني سأضطرُّ إلى شرحهِ وأنا لا أملكُ وقتاً كي أشرح كُلَّ الأحاديث الَّتي أقرؤها عليكم.
يُحدِّثُنا أبو بصيرٍ عن إمَامِنا الصَّادقِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، فيقول إمامُنا الصَّادق: وَكَانَ أَمِيْرُ الـمُؤْمِنِين - سَيِّدُ الأوصياء صلواتٌ وسلامٌ عليه - يَقُومُ عَلَى بَاب الـمَسْجِد ثُمَّ يَرْمِي بِسَهْمِهِ فَيَقَعُ فِي مَوْضِعِ التَّمَّارِين - من خلالِ هذهِ القرينة، الَّذي يبدو مِنَ الكلامِ أنَّ الإمام يقفُ على بابِ المسجدِ الَّذي يُعرَفُ بباب الثعبان، لأنَّ السوق من هذهِ الجهة لا من الجهة الثانية، فسوقُ الكوفة كان يقعُ في الجهةِ الشماليّة للمسجد ويمتدُّ إلى الجهةِ الشرقيّة في جانبٍ منها، وسوق التَّمَّارِين يقعُ شمال المسجد، الإمام إذاً يقفُ على باب الثعبان ويُعرَفُ ببابِ الفيلِ أيضاً.
- فَيَقَعُ فِي مَوْضِع التَّمَّارِين - إنَّهُ الموضعُ الَّذي كانَ لِمِيثَم التَّمَّار كانَ لهُ دُكَّانٌ فيه، وكانَ أميرُ المؤمنين يأتي ويُجالِسهُ في دُكَّانهِ في سوق التَّمَّارِين، وفي بعض الأحيانِ كان مِيثمُ يذهبُ إلى حاجةٍ أو إلى أمرٍ ويبقى أميرُ المؤمنين يبيعُ التَّمر نِيابةً عن مِيثم إلى أن يعود مِيثَمُ إلى دُكَّانهِ.
- فَيَقُول: ذَاكَ مِنَ الـمَسْجَد - هذهِ المسافةُ من المسجد، لا يعني أنَّ المسجد ينتهي عندَ التَّمَّارين، مسافةُ المسجدِ أكبرُ من ذلك، إلَّا أنَّ الإمام يرمي بسهمهِ إلى سوق التَّمَّارين ويقول هذا من المسجد، الإمامُ هنا لا يريدُ أن يُحدِّد نهاية المسجد، إنَّما يُريدُ أن يقول من أنَّ المسجدَ الموجودَ منقوصٌ لقد انتُقصت أرضهُ، هذا هو الَّذي يريدُ أن يُبَيِّنهُ سَيِّدُ الأوصياء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه.
• لماذا هذا الاهتمامُ بهذهِ العلامةِ الَّتي تبدو ليست مهمَّةً من قبل الأئِمَّة صلواتُ اللهِ عليهم؟
أجيبُ على هذا السؤال:
أوَّلاً - إنَّها الكوفةُ العاصمة، وهذا المسجدُ رمزها التأريخيُّ والدِّينيُّ الأوَّل، إنَّهُ المسجدُ الأعظمُ في الكوفة، إنَّها الكوفةُ العاصمة ستكونُ عاصمةً للوجود، الكوفةُ ستكونُ عاصمة الأرض، والأرضُ ستكونُ عاصمة الكون، إنَّها الدَّولةُ المهدويَّةُ العظمى والَّتي تقودنا إلى الرَّجْعَةِ العظيمةِ وإلى الدَّولةِ الـمُحَمَّديَّةِ الَّتي هي جنَّةُ الأرض جنَّةُ الكون، بل هي جنَّةُ الدُّنيا، فالكونُ كُلُّهُ عنوانهُ الدُّنيا، السَّماء الَّتي تعتلي هذا الكون هي السَّماءُ الدُّنيا وهذا الكونُ الَّذي نحنُ نعيشُ فيه هذهِ مُلحقاتُ السَّماء الدُّنيا.
وثانياً - يريدونَ صلواتُ اللهِ عليهم أن يقولوا لنا نحنُ معكم حتَّى في التفاصيلِ الصغيرة، فَكُونوا معنا أيضاً حتَّى في التفاصيل الصغيرة..
وثالثاً - هذهِ علامةٌ خاصَّةٌ لشيعتهم الَّذينَ يبحثونَ في كُلِّ زاويةٍ، في كُلِّ مكانٍ عن أيَّةِ علامةٍ في مسجد الكوفةِ، في مسجد السهلةِ، تُقرِّبُهم إلى إمامِ زمانهم. إنَّها علامةٌ لزوالِ مُلكِ بني العبَّاس، أزالَ اللهُ ملكهم عاجلاً.
رابعاً - ارتباطُ كُلُّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في واقعنا الدِّيني، في واقعنا العقائدي، في واقعنا الشيعي، من جهةِ رموزنا ومنظومتنا العقائديَّةِ، ارتباطُ كُلِّ صغيرةٍ وكبيرة بالمشروع المهدويّ وهذا يُنَبِّهُنا إلى عظمةِ هذا المشروع، فَكُلُّ صغيرةٍ وكبيرةٍ ترتبطُ بخرائطهِ وتتعلَّقُ بسلاسلهِ وتتَّصلُ بامتداداتهِ في واقعنا الشيعي بالدرجةِ الأولى وفي الواقع العالَمي بالدرجةِ الثانية، وتلكَ إشارةٌ واضحةٌ إلى مَسار التَّعظيم الَّذي يُفترضُ أنَّنا عليه.
القضيَّةُ رمزيَّةٌ ترتبطُ برموزِ المنظومةِ العقائديَّةِ لمدينةِ الكوفة الَّتي هي عاصمة القائم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، القضيّةُ ليست ناظرةً إلى الحدثِ بما هوَ حدث، الحدثُ بما هو حَدَث قد يكونُ اعتياديّاً لكنَّ القضيَّةَ مرموزةٌ، هذهِ القضيَّةُ مربوطةٌ بالمشروع المهدويّ، وهذا المشروعُ عظيمٌ فأيُّ شيءٍ يرتبطُ بهِ سيكونُ عظيماً..
هناك العديدُ من الحوادثِ المهمَّةِ والخطيرة الَّتي ترتبطُ بمدينةِ الكوفةِ بشكلٍ عام وبمسجدها الأعظمِ بشكلٍ خاص، جاء هذا في الرواياتِ والأحاديثِ في كُتُبنا وحتَّى في كُتُب المخالفين، على الشيعي أن يعرفَ هذهِ الحقائق كي يعرفَ أين يضعُ قدمهُ في زمانٍ تُهيمنُ فيهِ الفتنُ في جميع الاتجاهات.