الإنكار و التشكيك في قصّة الاربعين و ورود العائلة الحسينية في 20 صفر عند العلماء
- طول المقطع : 00:19:20
وصف للمقطع
مقطع من برنامج الكتاب الناطق ح163
من أبرز الملامح في أيّامنا هذه في أجوائنا الشيعية خصوصاً في أجواء العراق: "زيارة الأربعين".. فهي ملمَح مُميّز ومَعلم واضح جدّاً وعلى جميع المُستويات (على المستوى الوجداني العاطفي، على المستوى العقائدي الديني، على المستوى الاجتماعي الشعبي، على المستوى الشعائري الطقوسي.. فضلاً عن السياسي الذي يُوظّفها، والزعيم الديني الذي يغتنمها، وو..)
■ روح زيارة الأربعين هو: أنّ سبايا الحسين ستعود في هذا اليوم، وأنّ الإمام السجاد سيأتي إلى كربلاء وستعود العقيلة بأحزانها الحُسينية، وأنّ الرؤوس الشريفة سيُعيدها إمامنا زين العباد.. فنحنُ حين نذكر زيارة الأربعين نذكر هذه الحقيقة أكثر من توجّهنا إلى كون زيارة الحسين زيارة مُستحبّة.
زيارة الأربعين في الثقافة الشيعية وفي الوجدان الشيعي الحسيني: هي عودة السبايا مِن الشام إلى كربلاء، ولا نستطيع أن نتصوّر عاشوراء، الحسين، العقيلة، السبايا، من عودتهم إلى كربلاء في العشرين من صفر.
✤ النهضة الحسينية تتألّف من شطرين:
● شطر في العاشر من محرّم.
● وشطر في العشرين من صفر.
نحن هكذا شربنا نهضة الحسين. (شربناها في مُجتمع شيعي، شربناها في خدمة حسينية، شربناها في ثقافة شيعية..) فإنّي لا أستطيع أن أتصوّر الحسين في منظومته السياسية والعقائدية والثوريّة في منظومة الشهادة والحرّية، في منظومة الإباء والكرامة، في منظومة التمهيد للمشروع المهدوي الأعظم، لا أستطيع أن أتصوّر المشروع الحسيني من دون الأربعين ومن دون عودة العقيلة إلى أرض الطفوف.. وأنا هنا لا أريد أن أُثبت هذه القضيّة فهي واضحة عندي كالشمس في رائعة النهار.. إنّما أريد فقط أن أعرض لكم رؤية المؤسسة الدينية.
■ وقفة عند ما ذكره السيّد ابن طاووس في كتابه [الّلهوف في قتلى الطفوف] بشأن هذه القضيّة، يقول:
(ولمّا رجع نساء الحسين وعياله من الشام وبلغوا إلى العراق، قالوا للدليل: مرَّ بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري..إلخ) فهو لم يُشر هنا إلى أنّ زمان عودتهم كان في العشرين من شهر صفر، وإنّما فقط ذكر الحادثة..علماً أنّ هذا الكتاب ألّفه السيّد ابن طاووس في أيّام شبابه.. أمّا آخر أيّام عمره فقد ألّف كتاب (إقبال الأعمال).
■ يقول السيّد ابن طاووس في كتابه [إقبال الأعمال]:
(ووجدتُ في المصباح أنّ حرم الحسين عليه السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن ا
لحسين يوم العشرين مِن صفر، وفي غير المصباح أنّهم وصلوا كربلاء أيضاً في عودهم من الشام يوم العشرين مِن صفر..) ثُمّ يعلّق ويقول: (وكلاهما مُستبعدٌ..)
إذن السيّد ابن طاووس يستبعد ولا يعتقد أنّ العائلة الحُسينية وصلت إلى كربلاء في العشرين من صفر، وهذا رأي أكثر علماء الطائفة.. وهذا الكتاب ألّفه في أواخر عمره.
■ وقفة عند ما يقوله الشيخ المجلسي في [بحار الأنوار: ج98] يقول:
(وأمّا جوازهم في عودهم على كربلاء فيمكن ذلك ولكنه ما يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر..) فالشيخ المجلسي أيضاً يذهب لنفس الرأي أنّهم ما صلوا في يوم العشرين من صفر.
■ وقفة عند أحد أشهر كتب المقاتل الحُسينية وهو [كتاب إكسير العبادات في أسرار الشهادات: ج3] يقول المؤلف الأغا الدربندي:
(ولا يخفى عليك أن دعوى ورودهم إلى كربلاء في يوم الأربعين أو العشرين من صفر دعوى غير معقولة، وبالجملة فإنّ ورود آل الرسول من الشام إلى كربلاء في يوم العشرين من صفر ممّا لا يُتعقّل، ثمّ العَجَب ممّن يحتمل هذا الاحتمال: أي ورود آل الرسول إلى کربلاء يوم الأربعين..)
فهو الآخر لا يعتقد أنّ قافلة السبايا وصلتْ إلى كربلاء في العشرين من صفر!
■ أيضاً المحدّث النوري في كتابه [لؤلؤ ومرجان] وهو كتاب بالفارسيّة.. من أهمّ المطالب التي تحدّث فيها المُحدّث النوري في هذا الكتاب هو نفيه لوصول السبايا في العشرين من صفر!
■ وقفة عند ما يقوله تلميذ المُحدّث النوري الشيخ عبّاس القمّي في كتابه [منهى الآمال في توايخ النبي والآل: ج1] تحت عنوان: ورود أهل البيت إلى كربلاء يقول:
(وبملاحظة كلّ هذه الأمور يُستبعد كثيراً أن يعود أهل البيت إلى كربلاء، فيصلوا إليها في اليوم العشرين من صفر الذي يُوافق اليوم الأربعين كما يتّفق مع يوم وصول جابر بن عبدالله إلى هناك)! فهو أيضاً يعتقد أن قافلة الحسين لم تصل إلى كربلاء في العشرين من صفر.
ألا تُلاحظون كثرة الكُتب حول هذا الموضوع؟!
■ الشيخ مرتضى مُطهّري في كتابه [الملحمة الحُسينية] هو الآخر يُطوّل ويُعرّض في الموضوع ويذهب بعدها إلى نفس القول من أنّ قافلة السبايا لم يصلوا إلى كربلاء في العشرين من صفر!
وبالمناسبة حتّى مراجع الطائفة لو ذهبتم وسألتموهم فهو يقولون بهذا القول أيضاً! ألا تُلاحظون أنّ هناك هوّة سحيقة بين الوجدان الشيعي وبين المؤسسة الدينية الشيعية؟! يعني العلماء والمراجع لا يعتقدون بما يعتقد به عامّة الشيعة!
✤ نحن بحاجة إلى نوعين من التصحيح:
● الأول: بحاجة إلى تصحيح المناهج العلمية والفكرية في المؤسسة الدينية نفسها.
● والثاني: نحن بحاجة إلى أن نُنظّف الساحة الثقافية الشيعية لعامّة الشيعة من الفِكر الناصبي المخالف.