التَسليمُ هوَ بابُ النَّجاة
وصف للمقطع

هُناكَ أشخاصٌ سيـﱢـئون النَّبيُّ، الأئمَّةُ يهتمُّونَ بهِم، يفسَحونَ لَهُم مجالاً ومجالاً واسعاً، هذهِ القضيَّةُ ليست خاصَّةً بأبي بكر.

علينا أن نعرِفَ أمراً مُهِمَّاً: مرَّةً نحسِبُ الأمورَ بحساباتنا البشريَّة.

بحساباتنا البشريَّةِ هذهِ الأمورُ ليست منطقيَّةً، النَّبيُّ كانَ عارفاً بحقيقة أبي بكر لِماذا يهتمُّ به ليس في قضيَّة الهجرة فقط وإنَّما على طول الخط؟ وأبو بكرٍ مثالٌ، كثيرونَ من أمثالِ أبي بكر، وهذا الأمرُ يتكرَّرُ في سيرةِ أئمَّتنا أيضاً..

لكن لابُدَّ أن تتذكَّروا؛ بأنَّ الأمرَ هذا يفعلهُ اللَّهُ سبحانهُ وتعالى قبلَ أن يفعلهُ رَسُولُ اللّه والأئمة، اللَّهُ يتعاملُ بحلمهِ وبلطفهِ وبرأفتهِ وبرحمتهِ معَ خلقهِ، مثلما جاءَ في بعضِ الأحاديث القُدسيَّةِ؛ "الـمَالُ مَالِي وَالخَلْقُ عِيَالِي"، هُناكَ حساباتٌ بشريَّةٌ هي حساباتُنا، وحساباتُنا صحيحةٌ بحسبنا.

حينما يسألُ السائلُ ويعترضُ المعترضُ ويستفسرُ المستفسِرُ؛ لِماذا تعامَلَ رَسُولُ اللّهِ هكذا مع أبي بكرٍ وأمثالهِ من الصَّحابَةِ الَّذينَ ما كانوا مُخلِصينَ لرَسُول اللّه؟! الدليلُ واضحٌ في رزيَّة الخميس، الدليلُ على عدمِ إخلاصهم هوَ سوءُ عواقبهم، واقعةُ رزيَّة الخميس تكشفُ هذهِ الحقيقة، ورَسُولُ اللّه كانَ عارفاً بهِم، حتَّى لو لم يَكُن على بصيرةٍ رَسُولُ اللّه، تجاربُ خيانتهِم وتجاربُ فِرارهِم القُرآنُ يتحدَّثُ عنها، ألم يَكُن رَسُول اللّهِ عارفاً بالقُرآن؟! لكنَّ حساباتِ رَسول اللّه ليست كحساباتِنا، حساباتُنا بشريَّةٌ، وحساباتُ رَسُول اللّه حساباتٌ إلهيَّةٌ..

ولهذا السبب أُمِرنا بالتَّسليم لأنَّنا لا نستطيعُ أن نتجرَّدَ من حساباتنا، حساباتُنا صحيحةٌ بحسبنا، لكنَّها لا تُفرَضُ على الدﱢينِ وعلى الرﱢسالة، لا تُفرَضُ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد..

من هُنا جاء تعريفُ الإسلامِ من قِبَلِهِم؛ "بأنَّهُ التَّسليمُ لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلواتُ اللّهِ عليهم"، نحنُ حينما نُسلـﱢـمُ للّهَ نُسلـﱢـمُ لَهُم نحنُ لا نستطيعُ أن نُسلـﱢـمَ لِلّهِ بنحوٍ مباشر، لا علاقة مُباشرة فيما بيننا وبينَ اللّه، بالضَّبط مثلما قالَ رَسُولُ اللّه صلَّى اللّهُ عليه وآله: (أَنَا مَدِينَةُ العِلم وَعَليٌّ بَابُها، أنَا مَدِينَةُ الحِكْمَةِ وَعَليٌّ بَابُها فَمَن أرَادَ الحِكْمَة مَن أَرَادَ العِلْمَ مَن أَرَادَ الْمَدِينَة فَلْيَأتِها مِن بَابِها)، البابُ لِمُحَمَّدٍ ما هُم الصَّحابَة مَن هؤلاء الأعراب؟! وهذا هو البابُ الَّذي تحدَّثَ القُرآنُ عنه في الآيةِ الحاديةِ والستين بعدَ البسملةِ من سورةِ آلِ عمران، آية المباهلة: ﴿وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُم﴾، بابُ مُحَمَّدٍ لابُدَّ أن يكونَ بمستوى مُحَمَّدٍ صلَّى اللّهُ عليه وآله، مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّدٍ هُم البابُ الَّذي يُؤتَىٰ اللَّهُ منه، هكذا هو يُريد، اللّهُ هو يُريد، الَّذي يُريدُ اللّه عليهِ أن يَلِجَ من هذا الباب..

المجموع :2701