إِنّ لِلعَبّاسِ عِنْدَ اللهِ لَمَنْزلةً يغبِطه بِهَا جَميع الشُّهَداءِ يَومَ القِيامة
وصف للمقطع

في كتاب الخصال / لشيخنا الصدوق المتوفى سنة (381) للهجرة / صفحة 93 / رقمُ الحديث (101)، أذهبُ إلى موطن الحاجةِ من الحديث: بِسَنَدِهِ، عَنْ ثَابِتٍ بنِ أَبِي صَفيَّة عَنْ إِمَامِنَا السجَّادِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامهُ عَلَيه - موطنُ الحاجةِ هنا السجَّادُ يقول: وَإِنَّ لِلعَبَّاسِ - إنَّهُ أبو الفضل، إنَّهُ السَّاقي، إنَّهُ قمرُ الحُسينِ في كربلاء، هذا هو العبَّاسُ الَّذي يتحدَّثُ عنهُ السجَّادُ هنا - وَإِنَّ لِلعَبَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَك وَتَعَالَى لَمَنْزِلَةً يَغبِطهُ بِهَا جَميْعُ الشُّهَداءِ يَومَ القِيْامَة - ليس الحديث عن الَّذين قُتلوا في المعارك، هؤلاء لهم منزلتهم، الحديثُ عن أصحابِ (مرتبة الشهادةِ على الخلائقِ يوم القيامة)، الَّذين يتحدَّثُ القُرآنُ عنهم دائماً، القرآنُ حين يُورِدُ هذا العنوان (الشُهداء) لا يتحدَّث عن الَّذين قتلوا في المعارك، وإن كان لهؤلاءِ من المنزلةِ الرفيعة، بالضبط مثلما مرَّت علينا الروايةُ يوم أمس: (في أنَّ الحمزة وجعفر هما الشاهدان للأنبياء)، هؤلاءِ هم الشُهداء من كان في هذا المقام، الشهداءُ هؤلاء، قد يكونون قد قتلوا في المعارك وقد لا يكونون، الحمزةُ قُتل، وجعفر قُتل، ولكن هناك من الشُهداءِ من لم يُقتل في المعارك، الشُهداءُ منزلةٌ لا ترتبطُ بمسألةِ القتلِ في الجهاد، من أنَّهم قُتلوْا واستشهدوْا، الشُهداءُ منزلةٌ.

الحمزةُ من الشهداء أو لا؟ جعفر من الشهداءِ أو لا؟ و و هذا العنوانُ (الشُهداء) ينطبقُ على حمزة وعلى جعفر، حديثنا عن الحمزة، إنَّهُ في يوم القيامةِ يغبطُ العبَّاس هذا كلامُ السجَّاد، ما هو كلامي، فأينَ نضعُ العبَّاس حينئذٍ في أيِّ منزلةٍ؟ نحنُ ما تحدَّثنا بشكلٍ مُفصَّلٍ عن منزلةِ الحمزةِ عمِّ رسول الله، هذا المجملُ وكشفَ لنا عميقاً من الحقيقة، الحمزةُ بعلو رتبتهِ في القيامةِ ورتبتهُ في القيامةِ أعلى من رُتبتهِ في الدنيا، بعلو رُتبتهِ في القيامةِ يغبطُ العبَّاسَ بن عليّ، يغبطُ؛ يتمنَّى أن تكون لهُ منزلةٌ كمنزلةِ العبَّاس، والتمني هو طلبُ المستحيل مستحيلٌ أن تكون لهُ منزلةٌ كمنزلةِ العبَّاس، إذاً أين سنضعُ العبَّاس؟

وَإِنَّ لِلعَبَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَك وَتَعَالَى لَمَنْزِلَةً يَغبِطهُ بِهَا جَميْعُ الشُّهَداءِ - جميع، لو كانَ الإمامُ قال: يغبطهُ بها الشُهداء لدلَّت على كُلِّ الشُهداء ولكنَّ الإمام أرادَ أن يؤكِّد ذلك؛ (يَغبِطهُ بِهَا جَميْعُ الشُّهَداءِ)، هذهِ اللفظة (الشُهداء)، جمعُ تكسير يُحلَّى بالألفِ واللام يدلُّ ذلك على كُلِّ الشُهداء، ولكنَّ الإمام السجَّاد لتأكيدِ المطلب جاء بكلمةٍ جميع، كي لا يخرج ولا يُستثنى فردٌ من هذهِ المجموعة، ومن هنا فإنَّ الحمزة وإنَّ الطيار جعفر يغبطانِ قمر الحُسين، إنَّهُ العبَّاسُ بن عليّ.

أذهبُ إلى زيارتهِ الشريفة وأقرأ عليكم من (مفاتيح الجنان) من زيارة العبَّاسِ بن أمير المؤمنين، هذهِ كلماتُ إمامنا الصَّادقِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه: جِئْتُكَ يَابْنَ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْن - الخطابُ مع أبي الفضل - جِئْتُكَ يَابْنَ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْن - هذا خطابٌ مباشرٌ للعبَّاسِ صلواتُ اللهِ عليه - جِئْتُكَ يَابْنَ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْن وَافِدَاً إِلَيْكُم - إنَّني أفدُ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ولكن عِبرَ هذهِ البوابة الطاهرة، ينقلبُ الخطابُ من خطابٍ لشخصهِ إلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد - جِئْتُكَ يَابْنَ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْن وَافِدَاً إِلَيكُم - إلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، وإلَّا فإنَّ التعظيم هنا لن يكون سليماً إذا كان لشخصِ العبَّاسِ حينما بدأ الخطابُ (جئتكُ) بالإفراد وليس بالجمع، لو كان الخطابُ (جئتكم) لكان خطاباً بالجمعِ إكراماً وإجلالاً للعبَّاس صلواتُ الله عليه، لكنَّ القضية ليست كذلك، هذهِ معاريضُ الكلام، هذا هو لحنُ الحديث  - وَقَلْبِي مُسَلِّمٌ لَكُم وَتَابِع وَأنَا لَكُم تَابِع وَنُصْرَتِي لَكُم مُعَدَّة - هذا الخطابُ ليسَ للعبَّاسِ هذا الخطابُ لـمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ عِبرَ القمر، عِبرَ العبَّاس عِبر هذهِ المرآة الإلهيَّةِ العلوية، عِبر هذهِ البوابةِ الـمُحَمَّديَّةِ الفَاطِميَّة - وَقَلْبِي مُسَلِّمٌ لَكُم وَتَابِعٌ وَأنَا لَكُم تَابِع وَنُصْرَتِي لَكُم مُعَدَّة حَتَّى يَحكُم الله وَهُو خَيْرُ الحَاكِمِيْن فَمَعَكُم مَعَكُم - هذا الخطابُ ليس للعبَّاسِ هذا الخطابُ لـمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ولكن عِبرَ وجههم، هذا هو وجههم - فَمَعَكُم مَعَكُم لَا مَعَ عَدوِّكُم إِنِّي بِكُم وَبِإيَابِكُم مِنَ الْمُؤْمِنِيْن وَبِمَنْ خَالَفَكُم وَقَتَلَكُم مِنَ الكَافِرِين - إلى آخرِ الزيارةِ الشريف.....

المجموع :2701