تحديدُ الدِيَةِ وِفقاً للقيمةِ السوقيَّة
وصف للمقطع

ما هي دِيَةُ القَتْلِ الخطأي وفي الأشهُرِ غير الحُرُم؟!

سأذهبُ إلى أقلﱢ مستوىً من مستوياتِ الدِيَة الشرعيَّة، بحسبِ دِين العترةِ الطاهرة في التشريعِ الأوَّلِ حينما شرَّعَ هذا الدﱢينُ أحكامَ الدِيَةِ فإنَّ القاتِلَ يجبُ عليهِ أن يُقدﱢمَ لأولياء المقتُول إمَّا أن يُقدﱢمَ ألفَ دينارٍ ذهبي، أو أن يُقدﱢمَ عشرة ألافٍ من الدراهمِ الفضيَّة، مع ملاحظةِ أنَّ الدينارَ الذهبيَّ في وقت التشريع يُساوي عشرةَ دراهمَ فضيَّة، ولذا إمَّا أن يُقدﱢمَ ألفَ دينارٍ ذهبي، وإمَّا أن يُقدﱢمَ عشرةَ ألافٍ من الدراهمِ الفضيَّة، أو أن يُقدﱢمَ مئة بعيرٍ من الأباعرِ الكبيرة وليسَ مِن صِغار الأباعر مثلما جاء في كلماتهم صلوات اللّهِ عليهم من مسانﱢ الإبل، يعني الأباعرَ الكبيرة، أو أن يُقدﱢمَ القاتِلُ لأولياء المقتُول مئتي بقرة كبيرة، أو أن يُقدﱢمَ ألفَ رأسٍ من الغنم، أو أن يُقدﱢمَ مئتي حُلَّةٍ من الحُلَلِ اليمانيَّةِ الثمينة، هذهِ الخياراتُ بالنسبةِ للقاتِلِ أن يُقدﱢمَ الدِيَة إن كانَ هذا بالاتفاقِ مع أولياء المقتُول أو كانَ هذا بحسَبِ ما يتمكَّنُ أن يدفعهُ الأمرُ راجعٌ إليه..

لابُدَّ أن تعرفوا من أنَّ هذهِ المقادير تكادُ أن تكونَ مُتساويةً بالضبط، إذا كانَ هُناكَ من فوارق فإنَّ الفوارقَ جُزئيَّةٌ، الدِيَةُ مبلغٌ كبيرٌ جدَّاً.

لابُدَّ أن نَنْظُرَ إلى أنَّ الرواياتِ نَاظِرةٌ إلى القِيمَةِ وليست ناظرةً إلى هذهِ العناوينِ المختلفة، تحديدُ الدِيَةِ وِفقاً للقيمةِ السوقيَّة، إذا ما تغيَّرَ الزَّمانُ وتغيَّرت الأثمانُ وسقطت بعضُ العناوين من ميزان القِيمةِ السوقيَّة فإنَّها ستخرجُ من بورصةِ الدِيَة، هذهِ بورصةٌ صغيرةٌ، هُناكَ مجموعةٌ من الموادﱢ الَّتي اُختيرت على أساسِ قيمةٍ واحدة، هذهِ القيمةُ تُمثـﱢـلُ دِيَة المقتُول الَّذي قُتِل خطأً..

تشريعُ الدِيَةِ ليسَ تعبُّداً أن ندفع الدِيَة بالفضَّة أو بالذهب، أصلُ الدِيَة القيمة، فإذا سقطت قيمةُ عنوانٍ من العناوين المذكورةِ في الرواياتِ لا يصحُّ أن تُدفَعُ الدِيَةُ بها، فهذهِ ما هي بدِيَة هذا شيءٌ آخر..

في زمن التشريع كانَ الدينارُ الذهبيُّ يُساوي عشرة دراهم فضيَّة، الدينارُ الذهبيُّ في زماننا كم يُساوي؟ يُساوي مئةً وأربعين من الدراهمِ الفضيَّة، الدينارُ الذهبيُّ الشرعيُّ في زماننا يُساوي تقريباً إن لم يَكُن أكثر يُساوي تقريباً: (350000) دينار عراقي، بينما الدرهمُ الفضيُّ الشرعيُّ يُساوي (2500) دينار عراقي، فسيكون الدينارُ الذهبيُّ الشرعيُّ يُساوي من الدراهمِ الفضيَّةِ الشرعيَّة - مُرادي من الشرعيَّةِ بالتقدير الشرعيّ القديم - يُساوي مئةً وأربعين درهماً، الفضَّةُ لا قيمة لها في زماننا، ومن هُنا يجبُ إخراجها من بورصةِ الدِيَة.

إذاً الحُلَلُ اليمانيَّةُ لا قيمة لها الآن، الدراهمُ الفضيَّةُ لا قيمة لها الآن، ستبقى الدِيَةُ الشرعيَّةُ حينئذٍ محصورةً بألفِ دينارٍ ذهبي، أو بمئةِ بعير من الأباعرِ الكبيرة، أو بمئتي بقرة من الأبقار الكبيرة، أو بألفِ رأسٍ من الأغنام الكبيرة، وفي الرواياتِ الحديثُ عن الخِراف، ولكن حينما نتحدَّثُ عن ألفِ رأسٍ من الأغنام وفي دِيَةِ القَتْل الخطأي إنَّها ألفُ رأسٍ من الغنم، إذا ذهبنا إلى السوق في يومنا هذا فإنَّ قِيَمَ هذهِ العناوين متساوية، أمَّا الحُلَلُ اليمانيَّةُ فإنَّها خارِجةٌ، وأمَّا الدراهمُ الفضيَّةُ هي خارجةٌ.

المجموع :2701