تَوَقَّعُوا الفَرَجَ صَبَاحَاً وَمَسَاء
وصف للمقطع

فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا الفَرَجَ صَبَاحَاً وَمَسَاء - إلى آخر الروايةِ.

هُناكَ حديثٌ في الصفحةِ الحاديةِ والستين بعد المئة: عَن إِمَامِنَا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه - إنَّهُ الحديثُ الثالث - إِذَا أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ يَوْمَاً لَا تَرَى فِيْهِ إِمَامَاً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَحْبِب مَنْ كُنْتَ تُحِبّ وَأَبْغِض مَنْ كُنْتَ تُبْغِض - إنَّها الولايةُ والبراءة - وَوَالِي مَنْ كُنْتَ تُوَالِي - الميزانُ في كُلِّ هذا فَاطِمَة؛ نُوالي مَن يُواليها، ونُعادي من يُعاديها، وذلكَ هوَ مضمونُ بيعة الغدير، تُلاحظونَ أنَّ الحقائقَ كُلَّها تقودنا إلى نتيجةٍ واحدة؛ بيعةُ الغدير هيَ الميزانُ وهي الأساس.

- وَانْتَظِر الفَرَجَ صَبَاحَاً وَمَسَاء - الإمامُ هنا ما قالَ لنا تَوقَّعوا، قالَ انْتَظِروا، هذا أشدُّ من التوقّع، حينما يُقالُ لنا: تَوقَّعوا، هُناكَ احتمالٌ كبيرٌ أن يتحقَّق الفرج، لكن حينما يُقالُ لنا: انتظروا، سيتحقَّقُ الفرج، هذا التوقُّع هل هو توقُّعٌ مبنيٌّ على الخيال؟

حدَّثتكم عن علم المستقبليَّات، إنَّما حدَّثتكم عن علمِ المستقبليَّات كي أقول لكم: إنَّ العالَم يُفكِّرُ بهذهِ الطريقةِ، فهل نأتي ونُفكِّرُ بهذهِ الطريقةِ السخيفة أن نبني توقُّعنا للفرجِ صباحاً ومساء على أساس الخيال؟ أو أن نبني توقُّعنا للفرجِ صباحاً ومساء على أساسِ المناماتِ والرؤى؟ على أساسِ المكاشفاتِ؟ على أساسِ حساباتِ أرقامٍ؟ على أساسِ هُراءٍ يقولهُ هذا الصوفيُّ أو ذلك المتنبّئ؟ حتَّى وإنْ صَدَق في بعضِ تنبّؤاتهِ، نحنُ نتحدَّثُ عن مسألةٍ خطيرةٍ، نتحدَّثُ عن إمامِ زماننا، نتحدَّثُ عن مصيرنا الأخروي فضلاً عن المصير الدُّنيويّ لهذهِ الحياة.

أئِمَّتُنا حينَ أمرونا أن نتوقَّعَ الفرجَ صباحاً ومساء إنَّما أرادوا منَّا أن نبني توقّعنا هذا على جهتين:

الجهةُ الأولى: الجهةُ العقائديَّةُ الوجدانيّة، وهذهِ أصلُها الحبُّ والشوقُ والعِشقُ والمودَّةُ والارتباطُ بإمامِ زماننا.

أمَّا الجهةُ الثانية: إنَّها المعطياتُ الصحيحةُ المعطياتُ الحقيقيَّةُ، مثلما عرضتُ لكم جانباً منها في مجموعةِ هذهِ الحلقات لقد عرضتُ لكم ما عرضتُ من المعطياتِ الحقيقيَّةِ الَّتي يُريدُ منَّا أئِمَّتُنا أن نبني توقّعنا المستقبليَّ على أساسها، هذا هوَ السَّببُ الَّذي جعلني أُفَصِّلُ القولَ في الكثيرِ من المعطياتِ وعلى سبيل المثالِ في علامةِ حائطِ مسجد الكوفة.

أقرأ عليكم من (مفاتيح الجنان)، من زيارةِ إمامِ زماننا الَّتي أوَّلُها: (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيْفَةَ اللهِ وَخَلِيْفَةَ آبَائِهِ الْمَهْدِيِّين)، إلى آخر الزيارةِ الشريفة ماذا جاء فيها؟

جاء فيها هذهِ العبائرُ الَّتي تُنبئ عن الَّذي أتحدَّثُ عنه: فَلَوْ تَطَاوَلَت الدُّهُور، فَلَوْ تَطَاوَلَت الدُّهُور وَتَمَادَتْ الأَعْمَار - إنَّني أُخاطِبُ بقيَّة الله - لَمْ أَزْدَدْ فِيْكَ إِلَّا يَقِيْنَاً - يا بَقيَّة الله - وَلَكَ إِلَّا حُبَّاً وَعَلَيْكَ إِلَّا تَوكُّلاً وَاعْتِمَادَاً - هذهِ عَلَاقَتي معَ إمامِ زماني، يُفترضُ في الشيعي أن يكون هكذا حقيقيَّاً هكذا يُفترضُ فيه، لكنَّنا لسنا كذلك، نُحاولُ أن نتمسَّكَ بأهدابِ هذهِ المعاني، نُحاولُ أن نلتصقَ بقشورِ معانيها، هذا هو الَّذي نستطيعهُ، هذهِ عَلَاقَتي بإمامي.

أمَّا عَلَاقَتي بمشروعهِ: وَلِظُهُورِكَ إِلَّا تَوَقُّعَاً وَانْتِظَارَاً وَلِجِهَادِي بَيْنَ يَدَيْكَ إلَّا تَرَقُّبَاً، فَأَبْذُلُ نَفْسِي وَمَالِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَجَمِيعَ مَا خَوَّلَنِي رَبِّي بَيْنَ يَدَيْك وَالتَّصَرُّفَ بَيْنَ أَمْرِكَ وَنَهْيِك - أتعلمونَ أنَّ هذا في زمان الغَيْبَةِ؟ هذا الكلامُ يرتبطُ بزمان الغَيْبَةِ.

لأنَّ الَّذي يرتبطُ بزمان الظهور يأتي بعد ذلك: فَإِنْ أَدْرَكْتُ أَيَّامَكَ الزَّاهِرَة وَأَعْلَامَكَ البَاهِرَة - إنْ أدركتُ - فَهَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ الْمُتَصَرِّفُ بَيْنَ أَمْرِكَ وَنَهْيِك أَرْجُو بِهِ الشَّهَادَة بَيْنَ يَدَيْك وَالفَوْزَ لَدَيْك، مَوْلَاي فَإِنْ أَدْرَكَنِي الْمَوْتُ قَبْلَ ظُهُورِك فَإِنِّي أَتَوَسَّلُ بِكَ وَبِآبَائِكَ الطَّاهِرِينَ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ يَجْعَلَ لِي كَرَّةً فِي ظُهُورِك وَرَجْعَةً فِي أَيَّامِك لَأَبْلُغَ مِنْ طَاعَتِكَ مُرَادِي - إلى آخر الزيارةِ الشريفة.

- فَأَبْذُلُ نَفْسِي وَمَالِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَجَمِيعَ مَا خَوَّلَنِي رَبِّي بَيْنَ يَدَيْك وَالتَّصَرُّفَ بَيْنَ أَمْرِكَ وَنَهْيِك - هذا يعودُ بِنا إلى أهلِ زمانِ غَيبَتهِ الَّذينَ هُم أفضلُ مِن أهل كُلِّ زمان لماذا؟ (لأنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعَالَى - هذا كلامُ إمامنا السَّجَّاد معَ أبي خالدٍ الكابلي، الروايةُ بتفاصيلها موجودةٌ في كمال الدِّينِ وتمام النعمةِ لشيخنا الصَّدوق - لأنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعَالى قَد أَعْطَاهُم مِنَ العُقُولِ وَالأَفْهَامِ وَالْمَعْرِفَةِ مَا صَارَت بِهِ الغَيْبَةُ عِنْدَهُم بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَة - ماذا يقولُ إمامنا السَّجَّاد؟ - وَجَعَلَهُم - جعلَ هؤلاء - بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَي رَسُول اللهِ بِالسَّيْف - هُم لا يجاهدونَ بالسَّيف وإنَّما جعلهم بمنزلة المجاهدينَ بَينَ يدي رسول الله بالسَّيف - أَوْلَئكَ الْمُخْلِصُونَ حَقَّاً وَشِيعَتُنَا صِدْقَاً وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِرَّاً وَجَهْرَاً)، هذا هو الجهادُ الَّذي تتحدَّثُ عنهُ الزيارةُ الشريفة، فأنا لا أشرحُ لكم الزيارة باللغةِ أو بما يجولُ في خاطري، أنا أشرحُ حديثهم بحديثهم، حينما يتحدَّثُونَ عن الجهادِ في عصرِ الغَيْبَةِ فإنَّهُم شرحوه لنا في هذهِ الرواية الَّتي قرأتُها عليكم.

لاحظوا في زمن الغَيْبَةِ لم يأتي ذكرٌ للشَّهادةِ الَّتي تكونُ بسبب القتلِ والقِتال، لأنَّ الجهاد مثلما شرحتهُ لكم في الروايةِ عن إمامنا السَّجَّادِ؛ (من أنَّهم دُعاةٌ إلى دِينِ اللهِ عَزَّ وجلَّ سِرَّاً وجَهراً)، هذا هو الجهادُ المهدويُّ في زمان الغَيْبَةِ الشريفة، إلَّا إذا اضُطرَّ الإنسانُ أن يُدافع عن نفسهِ ذلكَ شأنٌ آخر هذهِ حالةٌ اضطراريّةٌ، من هنا جاءت الرواياتُ والأحاديثُ من أنَّ الجهاد لن يكون إلَّا معَ الإمام المعصوم، هذهِ قضيَّةٌ واضحةٌ في ثقافةِ العترةِ الطاهرة.

-وَأَشْفِي مِن أَعْدَائِك فُؤَادِي - أيضاً هُناكَ قَتلٌ وقِتالٌ لأنَّنا نتحدَّثُ عن الرَّجْعَة، وهُناك شهادةٌ في مرحلة الظهور، بينما في مرحلة الغَيْبَة ليسَ هُناكَ من إشارةٍ إلى ذلك، مثلما قال إمامُنا الباقرُ في حديث الرَّايات المشرقيّة: (أَمَا إِنِّي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِك لَاسْتَبْقَيتُ نَفْسِي لِصَاحِبِ هذا الأَمْر)، استبقاء، إنَّهُ جهادٌ عملٌ تضحيةٌ، المضامين واحدةٌ في رواياتهم، في أدعيتهم، في زياراتهم، في فتاواهم، في أحكامِ الجهادِ، في كُلِّ شيءٍ، منظومةٌ واحدة، ألا لعنةٌ على منهج الطوسي، ألا لعنةٌ على منهجِ حوزة النَّجفِ وكربلاء.

المجموع :2684

العنوان الطول روابط البرنامج المجموعة الوثاق