حَسن البنّا..بديل شيطانيّ آخر بعد سُقوط الدولة العثمانية وخلافة السقيفة
  • طول المقطع : 00:19:15
وصف للمقطع

مقطع من برنامج [ السرطان القطبيُّ الخبيث في ساحة الثقافة الشيعيّة الحلقة 7 ]
✤ الجملة الأخيرة في هذه الجهة من البحث، الجهة الأخيرة بعد تحليل شخصيّة حَسن البنّا بحسب ما أعتقد وبعد الحديث عن جهات مُجمَلةٍ فيما يرتبطُ بجماعة الأخوان المسلمين، أقول:
الأمّة ضلّتْ عن طريقها بعد رسول الله "صلّى اللهُ عليه وآله". (وأنا هنا لا أريد أن أتحدّث عن الغدير، ولا أريد أن أتحدّث عن حديث الثقلين، ولا أُريد أن أتحدّث عن حديث المنزلة مِن أنّ علياً مِن رسول الله كهارون مِن موسى..) أنا أقول:
الصحابةُ بحسن نيّة رفعوا هذا الشِعار (حسبُنا كتابُ الله) وظنّوا أنّهم سيسيرون بالأُمّة وِفقاً لهذا المنهج، واختاروا منهج "خلافة السقيفة" في مواجهة منهج عليّ وآل عليّ.. أنا أقول: لو رجعنا فقط للكتاب مثلما يقولون (حسبُنا كتاب الله)
ولو سلّمنا جدلاً بما يقولون: مِن أنّ رسول الله رحل عن الدُنيا ولم يترك وصيّاً.. والشِعار المرفوع (حسبُنا كتاب الله)، والصحابة يومئذٍ هُم أهلُ العلم والفَضل كما يقولون، وأنّ الصحابة عباقرة، فنقول:
إذا كان الصحابة عباقرة، وكان كُلّ العلم عندهم، وهم أعرف الناس بكتاب الله، فلماذا لم يرجعوا إلى كتاب الله في تمييز مَن هو الأفضل كي يكون خليفةً لِرسول الله.. بغضّ النظر عن الغدير، بغضّ النظر عن العِصمة، بغضّ النظر عن كُلّ هذا..
● سنعود هنا إلى كتاب الله كي نجعله ميزاناً:
في سورة التوبة آيةٌ صريحة في شأن أبي بكر (آية الغار) .. الآية 40 مِن سورة التوبة: {إلّا تنصروهُ فقد نَصرهُ الله إذ أخرجهُ الذين كفروا ثانيَ اثنين إذ هُما في الغار إذ يقولُ لصاحبهِ لا تحزن إنّ الله مَعَنا فأنزل اللهُ سكينتهُ عليه وأيّده بجنودٍ لم تَروها}.
فأبو بكر صاحبُ رسول الله بحسب مِيزان القرآن، كما في هذه الآية.
● لنذهب إلى سُورة آل عمران 61 {فمَن حاجّك فيهِ مِن بعد ما جاءكَ مِن العِلْم فقُلْ تعالوا ندعُ أبناءَنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكُم وأنفُسنا وأنفُسكُم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}. في كتب التأريخ في كُتب السِيَر علماء السُنّة يعلمون أنّ الآية في فاطمة وفي الحسن والحُسين وفي عليّ.
حتّى الذين فسّروا (أنفُسنا) برسول الله فإنّ هذا التفسير لا ينسجم مع ظاهر الآية.. هل يدعو رسول الله نفسه؟! هل الإنسان يدعو نفسه؟! إنّما يدعو شخصاً آخر.. لابُدّ أن يكون هنالك شخص آخر يدعوه النبيّ وهو: عليٌ.. عليٌ هو نفسُ رسول الله بمنطق القرآن.
• كيف يُمكن أن تصحّ المُقارنة بين رجلٍ يُقال لهُ صاحب رسول الله، وبين رجلٍ يُقال له نفسُ رسول الله..؟
فلماذا لم يفهم الصحابة هذهِ الحقيقة الواضحة والجليّة؟!
● الشيطان صنعَ للأمّة هذا المشروع (مشروع الخلافة) فكانتْ خلافةُ السقيفة بديلاً عن الإمامة المَعصومة، بديلاً عن الوصيّة المُحمّدية في عليّ، بديلاً عن بيعة الغدير.. وحين ذهبتْ الخِلافة، وذهب الخُلفاء وأبنائهم ونسائهم بعيداً في سَفْك الدماء وفي الظُلم، وما جَرّوا على الأُمّة مِن ويلات، في مِثل هذهِ الحالة الأمّة ستعود على الجهة الصالحة فيها، فلا بُدّ مِن بديلٍ شيطانيّ، فكان التصوف والذي ابتدأ به الحسن البصري ومن على أمثالهِ.. فجيء بالتصوّف (بشيوخ الطريقة) بديلاً عن الإمامة المعصومة!
● وحين سَقطتْ الخِلافة وانزوتْ بعد سُقوط الدولة العثمانية، جاءت جماعة الأُخوان مع أنّ المُسلمين كانوا يعتقدون مِن أنّ الخليفة لابدّ أن يكون عربياً، ولابُدّ أن يكون قُرشيّاً فكيف صار العُثمانيّون خُلفاء؟!
العثمانيّون استندوا إلى رأي ضعيف هو من جملة الآراء المُتقلبّة عند أبو حنيفة.. فأبو حنيفة دائماً له آراء مُتعدّدة في المسألة الواحدة.. فمِن جُملة آرائه: هناك رأيٌ ضعيفٌ قاله في بعض الأيّام: مِن أنّ خليفة المُسلمين لا يُشترط فيه أن يكونَ عَربياً، ولا يشترط أن يكونَ قرشياً.
ولِذلك سعى العُثمانيّون إلى إعلاء شأن أبي حنيفة، وتبنّوا مذهب أبي حنيفة مذهباً رسميّاً للدولة، وفي زمانهم أُطلِق عليه هذا الّلقب: (الإمامُ الأعظم) كي يُميّز على بقيّة أئمة السُنّة.. وسُميّت المنطقة في بغداد التي فيها قبره بالأعظمية، تُعظّم على غيرها نسبة إلى الإمام الأعظم! 
وإلى الآن في الدُول الإسلاميّة قد تكون الشُعوب في هذه الدول على مذهب الشافعي أو مذهب مالك، ولكن في الدوائر الرسميّة الأمور تجري وفقاً لمذهب أبي حنيفة! بينما كان مذهب أبي حنيفة ليس له مِن الأتباع الكثر وإنّما كثُر أتباعهُ في الزمن العُثماني.
• وقفة سريعة عند الحوار الذي جرى بين الأنصار والمهاجرين في سقيفة بني ساعة والاحتجاج الذي احتجّ به عمر على الأنصار، مِن أنّ الأنصار لا تكونُ فيهم الخلافة وإنّما تكون في المُهاجرين وفي قُريش لأنّ قريش شجرةُ رسول الله.. وكثيرٌ مِن الأنصار وجدوا هذا الكلام منطقياً.. أمّا سيّد الأوصياء فقال كلمة وجيزة تعليقاً على هذا الاحتجاح العُمَري، فقال:
تمسّكوا بالشَجَرة، وتركوا الثمرة .. (الثمرة هم بنو هاشم، وثمرتهم عليّ) هذه العبارة المُوجزة يُمكنها أن تكون علامةً في السَير الصحيح.
الذي يتمسّك بالشجرة ويترك الثمرة هل هذا عاقل؟ إنّه جاهل.. أو أنّه يتّخذ مِن هذا الكلام ادّعاءات كاذبة، فهو يُريد الحُكم ولا يُريد شيئاً آخر، وهذا هو حالُ الإخوان المُسلمين.. إنّهم يُريدون الحُكم ولا يُريدون شيئاً آخر.. حسن البنّا يُريد الحُكم، يُريد الإمامة المطلقة مثلما مرّ الكلام في الحلقات المتقدّمة.