سلمانُ الفارسيُّ يروي رحلته مَعَ عليٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين عليه السلام إلى جَبَلِ قَاف
وصف للمقطع

في الجزء الخامس من (تفسيرِ البرهان) للمُحدِّث هاشم البحراني، وتفسيرُ البرهان هو جامعٌ من جوامعِ الأحاديثِ التفسيريّة، من أحاديثنا التفسيريَّة عن مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلواتُ اللهِ وسَلامهُ عليهم أجمعين.

طبعةُ مُؤسَّسةِ الأعلمي، بيروت، لبنان، الروايةُ هي الأخرى طويلةٌ أيضاً، ما هو الموضوعُ مُعقَّدٌ، رحلةٌ في الفضاء لابُدَّ أن تكون الروايةُ طويلةً فإنَّ الرواية تبدأ من الصفحةِ الثانيةِ والثمانين وتنتهي في بداياتِ الصَّفحةِ السابعةِ والثمانين، لا أجدُ وقتاً لقراءة الروايةِ بكاملها، سأقتطفُ منها لقطاتٍ مثلما فعلتُ في الروايةِ السابقة، أتمنَّى عليكم أن تُدقِّقوا النظرَ معي:

سلمانُ الفارسيُّ يقول: كُنَّا جُلُوْسَاً مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين بِمَنْزِلِهِ لَمَّا بُويعَ عُمَرُ بنُ الخَطَّاب - متى بُويعَ عمرُ بن الخطّاب؟ في أواخرِ جمادى الثاني في السنةِ الثالثةِ بعد العاشرةِ من الهجرة، إذا أردنا أن نُحدِّد باليومِ والشهرِ والسنة: 22/جمادى الثاني/13 هجري، نحنُ الآن في أيَّةِ سنة؟ 1443 للهجرة.

- كُنْتُ أَنَا وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ وَمُحمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّة وَمُحمَّدُ بنُ أَبِي بَكر - قطعاً كانوا صغاراً، مُحمَّد بن الحنفيَّة كانَ صغيراً، ومُحمَّد بنُ أبي بكر كان صغيراً، وحتَّى الحَسَنُ والحُسَين كانوا يافعين، سلمانُ كان كبير السِّن - وَعَمَّارُ بنُ يَاسِر وَالـمِقْدَادُ بنُ الأَسْوَد - سلمانُ وعمَّار والمقداد كانوا كباراً، الواقعةُ مثلما قال سلمان، الواقعةُ كانت في منزلِ أميرِ المؤمنين، الحكايةُ من هنا بدأت، فقطعاً الحَسنُ والحُسَينُ موجودان، ومُحمَّدُ بنُ أبي بكر هو الآخر موجودٌ تربَّى ونشأ في بيتِ أميرِ المؤمنين - وَالـمِقْدَادُ بنُ الأَسْوَد الكِنْدِي فَدَارَ حَدِيثٌ - أنا لا أريدُ أن أقرأ الرواية بِكُلِّ تفاصيلها، يُمكنكم أن تعودوا إلى المصدرِ الَّذي أقرأ منه. 

سلمانُ مع الَّذين ذكرهم في بيتِ أميرِ المؤمنين صارَ الاتِّفاقُ أنَّ أميرَ المؤمنين يأخُذُهم في سفرٍ فضائي، سلمان يقول: فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنِ أَنْ جَاءَت سَحَابَةٌ - سلمانُ يُقرِّبُ الفكرة للمُتلقّي، فماذا سيقولُ لهُ، كيفَ سَيُخبرهُ عن الوسيلة الَّتي انتقلوا بها؟! - فَوَقَعَت عَلَى الدَّار - لَمَّا أرادَ أميرُ المؤمنين أن يأخُذهم في هذهِ السَّفَرَةِ الفضائيَّة، هذهِ هي الوسيلةُ النقليّة، استدعاها أميرُ المؤمنين من المكان الَّذي تُوجدُ فيهِ هذهِ التقنيّات - وَإِذَا بِجَانِبِهَا سَحَابَةٌ أُخْرَى - وسيلتان نقليّتان - فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنين: أَيَّتُهَا السَّحَابَةُ اِهْبِطِي بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، فَهَبَطَت وَهِي تَقُول: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ الله وَأَنَّكَ خَلِيْفَتَهُ وَوَصِيُّهُ - الشهادةُ الثالثةُ بجانبِ الشهادةِ الأولى والثانية، ألا لعنةٌ على فتاوى مراجع النجف الَّتي تقول من أنَّ الشهادة الثالثة ما هي بجزءٍ واجبٍ في أجزاءِ الأذانِ والإقامة، والَّتي تقول من أنَّ الشهادةَ الثالثة ما هي بِجُزءٍ واجبٍ للَّذي يتشهَّدُ مُعلِناً إسلامه، يكتفونَ بالشهادةِ الأولى والثانية، ألا لعنةٌ على فتاواهم.

-مَن شَكَّ فِيْكَ فَقَد ضَلَّ سَبِيْلَ النَّجَاة، قَالَ - سلمان يقول - ثُمَّ اِنْبَسَطَت السَّحَابَةُ عَلَى وَجهِ الأَرْض - هل هذهِ سَحابةٌ من الغيوم؟ هذهِ وسيلةٌ نقليّة، جاءت فاستقرَّت في فضاء الدَّار، فأصدرَ الأميرُ إليها أمرهُ أن تنزل إلى المكان الَّذي يريدُ منها أن تنزل فيه، ما نحنُ الآنَ نتحدَّثُ مع أجهزةِ الموبايل، حينما نريدُ أن نتصل تليفونيّاً بشخصٍ مُعيَّن - حَتَّى كَأَنَّهَا بِسَاطٌ مَوضُوع - يُذَكِّرُنا هذا ببساطِ سُليمان، ما هم شِيعَتُهم، ما سُليمانُ من شيعةِ عليٍّ وآلِ عليّ، وذو القرنين من شيعةِ عليّ - فَقَالَ أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِيْن: اِجْلِسُوْا عَلَى الغَمَامَة، فَجَلَسْنَا - هذا هو اِسمُها - وَأَخَذْنَا مَوَاضِعَنَا - إذاً هُناكَ أماكِنُ للجلوس، وهُناكَ طريقةٌ وبرنامجٌ للسَّفرِ بهذهِ الوسيلة - فَأَشَارَ إِلَى السَّحَابَةِ الأُخْرَى - لأنَّ الأميرَ ما صعدَ على السَّحابة الَّتي صعدوا عليها جميعاً - فَهَبَطَت وَهِي تَقُولُ كَمَقَالَةِ الأَوْلَى - شَهَدَت بالشهادةِ الأولى والثانية والثالثة - وَجَلَسَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلَيهَا، ثُمَّ تَكَلَّم بِكَلَامٍ وَأَشَارَ إِلَيْهِمَا - إلى السَّحابَتَين - بِالْمَسِيرِ نَحوَ الْمَغْرِب وَإِذَا بِالرِّيحِ قَدْ دَخَلَت تَحتَ السَّحَابَتَين فَرَفَعَتْهُمَا رَفْعَاً رَفِيقَاً - بهدوء، رُخَاءً مثلما مرَّ في كرسيِّ سُليمان - فَتَمَايَلَت نَحوَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين - فتمايلتُ سلمانُ يقول، سلمانُ جالساً مع الَّذين كانوا معه في السَّحابَةِ الأولى الَّتي سمَّاها أمير المؤمنين الغمامة، والأميرُ كان جالساً في غمامتهِ - وَإِذَا بِهِ عَلَى كُرْسِيٍّ - هُم أيضاً يجلسون على كراسي - وَالنُّوْرُ يَسْطَعُ مِن وَجْهِهِ وَوَجْهُهُ أَنْوَرُ مِنَ القَمَر - تستمرُّ الروايةُ.

أذهبُ إلى لقطةٍ أخرى:

الإمام الحسنُ الَّذي كان يافعاً في زمنِ هذهِ الرحلة الفضائيّة يقولُ لأبيهِ أمير المؤمنين، الحسنُ كان في الغَمَامَة الَّتي فيها سلمانُ وعمَّارُ والمقداد: فَقَالَ الحَسَنُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنين: أُرِيْدُ أَنْ تُرِيني يَأْجُوجَ وَمَأْجُوج وَالسَّدَّ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم - إنَّها رحلةٌ فضائيَّة، فيأجوجُ ومأجوجُ في الفضاء وهذا ما سَتُبَيِّنُهُ لنا الرواية الشريفة - فَسَارَت الرِّيحُ تَحْتَ السَّحَاب - تحت الغَمَامَةِ الأولى والثانية - فَسَمِعْنَا لَهَا دَوِيَّاً كَدَوِيِّ الرَّعْد - هذهِ السرعةُ الثانية كَسُرعةِ بِساطِ سُليمان العاصفة، تُلاحظون الاتِّساقَ والتناسُقَ بَينَ الآيات والوقائعِ والأحداث والروايات - وَعَلَت فِي الـهَوَاء - عَلَت في الهواء؛ في الفضاء - وَأَمِيْرُ الْمُؤْمِنِين يَقدُمُنَا - الغمامةُ الَّتي كانَ عليها أميرُ المؤمنين ما هُوَ القائد كانت تعلو قبل الغَمَامَة الَّتي كان عليها الحسنانِ والبقيّة، والَّذي يُحدِّثنا سلمان - حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى جَبَلٍ شَامِخٍ فِي العُلُو - كُلُّ هذا الحديث في الفضاء، إلى أن يقول سلمان في الصَّفحةِ الرابعةِ والثمانين: وَأَمَرَ الرِّيحَ فَسَارَت بِنَا وَإِذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ يَدُهُ فِي الْمَغْرِب وَالأُخْرَى بِالْمَشْرِق - هذا تواصُلٌ مع الملائكةِ، هذهِ رُؤيةٌ إمَّا أن تكونَ عِبرَ البصيرةِ الَّتي تتجاوزُ رُؤية الحواس رُؤيةَ حاسَّةِ البصرِ، أو أنَّها رُؤيةٌ عِبرَ أجهزةٍ وعِبرَ شاشاتٍ في الوسائلِ النقليَّةِ تلك الَّتي تَحرَّكوا بها في سفرهم هذا تجعَلُهُم يتواصلونَ معَ الملائكةِ أو معَ المخلوقاتِ العظيمةِ في كوننا الَّذي هو في السَّماء الدنيا، في هذا الكونِ الفسيحِ الواسع.

- فَلَمَّا نَظَرَ الْمَلَكُ إِلَى أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِين قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّه وَلَو كَرِهَ الْمُشْرِكُون - يُشيرُ إلى القائمِ وإلى الرَّجْعَةِ - وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ وَخَلِيفَتُهُ حَقَّاً وَصِدْقَاً - الشهادةُ الثالثة في كُلِّ مكان، إلَّا في الفتاوى الملعونةِ لمراجعِ النجف، إلَّا في صلواتهم القَذِرةِ في صلواتِ مراجعِ النجف ومُقلِّديهم!!

- فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِين - سلمانُ يسألُ الأمير، قطعاً هذا السؤالُ إمَّا أن يكون تواصُلاً عِبرَ البصيرةِ عِبرَ الغَيْبِ فقد كانَ سلمانُ مُحدَّثَاً عن عليٍّ، أو أنَّهُ عِبرَ الأجهزةِ المتوفِّرةِ في وسائل النقل الَّتي كانوا يستقلّونها هذهِ، فالأميرُ كانَ في غَمَامَتهِ، وسلمانُ معَ الَّذين معهُ كانوا في غَمَامَتِهم - فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِين، مَن هَذَا الَّذِي يَدَهُ فِي الْمَغْرِب وَيَدُهُ الأُخْرَى فِي الْمَشْرِق؟ فَقَالَ أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِين: هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي وَكَّلَهُ اللهُ تَعَالَى بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَضَوءِ النَّهَارِ، وَلَا يَزولُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ أَمْرَ الدُّنْيَا إِلَيّ وَإِنَّ أَعْمَالَ العِبَادِ تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْم - أميرُ المؤمنينَ يتحدَّثُ عن نفسهِ - ثُمَّ تُرْفَعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى - ما هي السَّماواتُ لها أسبابُها، والأرضُ لها أسبابُها، التَّكوينُ لهُ أسبابهُ، والتَّشريعُ لهُ أسبابهُ، وسادةُ الأسبابِ مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد.

-ثُمَّ سِرْنَا - ساروا في هذهِ الوسائل النقليَّةِ الفضائيَّة - حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى سَدِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوج، فَقَالَ أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِين لِلرِّيح: اِهْبِطِي بِنَا مِمَّا يَلِي هَذَا الجَبَل، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَبَلٍ شَامِخٍ فِي العُلُو وَهُوَ جَبَلُ الخِضْر - لأنَّ الخِضْر قد مَرَّ من هُنا، فَتِلكَ المناطق الَّتي مَرَّ فيها ذو القرنين ومَرَّ فيها الخِضْر وهُوَ وزيرُ ذي القرنين سُمِّيت بأسمائِهم، فهذا شأنُ الـمُلُوكِ حينما يبسطونَ سُلطة مُلْكِهم سُلطة دولتهم على بِقاعٍ مُعيَّنةٍ فإنَّ البِقاعَ تِلك تُسمَّى بأسمائِهم وما هذا بغريبٍ - فَنَظَرْنَا إِلَى السَّد وَإِذَا اِرْتِفَاعُهُ مَا يَحُدُّ البَصَر - إنَّهُ ارتفاعٌ هائلٌ، مَا يَحُدُّ البَصَر؛ يجعلُ البصرَ محدوداً، فهوَ مستمرٌّ - وَهُو أَسْوَد كَقِطْعَةِ اللَّيْلِ الدَّامِس - الدَّامِس الشَّديدُ الظلام الَّذي لا يستطيعُ الإنسان أن يَتمَيَّز فيهِ الأشياء، لا يستطيعُ أن يرى مُطلقاً - يَخْرُجُ مِنْ أَرْجَائِهِ الدُّخَان - فهل هذا جبلٌ كجبالِ الأرض - فَقَالَ أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِين: يَا أَبَا مُحَمَّد - يتحدَّثُ معَ الحَسَنِ السِّبط لأنَّهُ هُوَ الَّذي طلبَ مِنَ الأمير أن يأخُذَهُم إلى سَدِّ يأجوجَ ومأجوج - فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين: يَا أَبَا مُحَمَّد، أَنَا صَاحِبُ هَذَا الأَمْر عَلَى هَؤُلَاءِ العَبِيْد - يُشير إلى أقوامِ يأجُوجَ ومأجوج - قَالَ سَلْمَان: فَرَأَيْتُ أَصْنَافَاً ثَلَاثَة - مِمَّا رآهُ هناك، ليس بالضرورةِ أنَّ الجميع على هذهِ الشَّاكلة - طُولُ أَحَدِهِم مِئَةٌ وَعِشْرونَ ذِرَاعَاً - مئةٌ وعشرون ذراعا يعني ستين متراً، فالذراعُ إذا كانَ الحديثُ عن ذِرَاعِنا البشري العادي، فالذراعُ يُشَكِّلُ نِصف متر بقياساتنا المعاصرة – وَالثَّانِي؛ طُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم سُتون ذِرَاعَاً - ما يَقرُب من ثلاثين متراً - وَالثَّالِث - النوعُ الثَّالث - يَفْرِشُ أَحَدَ أُذُنَيه تَحْتَه وَالأُخْرَى يَلْتَحِفُ بِهَا - هذهِ الأصنافُ الَّتي رآها سلمانُ هناك، القضيّةُ لا تقتصرُ على هذهِ الأصناف، هذا كناظرٍ ينظرُ إلى الأرض فيرى فيلاً، ويرى تمساحاً، ويرى مثلاً نعجةً، أو يرى ثوراً، وهكذا، فإنَّهُ رأى أصنافاً ثلاثة، فليسَ بالضرورةِ أنَّ كُلَّ الأصنافِ تنحصرُ بهذهِ الأوصاف، الحديثُ عن أقوامِ يأجوجُ ومأجوج.

-ثُمَّ إِنَّ أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ أَمَرَ الرِّيْحَ فَسَارَت بِنَا إِلَى جَبَلِ قَاف - جبلُ قاف في السَّماء، إنَّهُ موطنٌ في مجرَّتنا في مجرَّةِ دربِ التَّبانة مثلما يبدو من الرواياتِ الشريفة، لكنَّهُ في الفضاء، الرواياتُ تقولُ مِن أنَّهُ جبلٌ مُحيطٌ بالأرض، لَيسَ بالضرورةِ أن يكونَ جَبَلاً صخريّاً، قد يكونُ مجالاً مغناطيسيّاً، قد يكونُ بُؤرةً من بُؤرِ الطاقةِ الكونيَّة، نحنُ لا نعرفُ هذهِ الأسرار - فَانْتَهَيْنَا إِلَيه وَإِذَا هُوَ مِن زُمَرُّدَةٍ خَضْرَاء - مرَّ الحديثُ علينا قبلَ قليلٍ عن الزَّبرجدِ الَّذي هو نوعٌ من أنواعِ الزُّمُرُّد، الَّذي داسوهُ أصحابُ ذي القرنين بسنابكِ خُيُولِهم، والبعضُ أخذ والبعضُ لم يأخُذ وهيمنت النَّدَامةُ عليهم جميعاً.

- وَعَلَيْهَا مَلَكٌ عَلَى صُوْرَةِ النَّسْر - الروايةُ طويلةٌ جِدَّاً.

أذهبُ إلى آخرها: ثُمَّ سَأَلْنَاهُ - سألنا أميرَ المؤمنين - الرُّجُوعَ إِلَى أَوْطَانِنَا - الرُّجُوع إلى الأرض، التفتوا معي إلى هذهِ الكلمات - فَقَالَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى - رحلةٌ طويلةٌ أنا ما قرأتُ من الروايةِ شيئاً، قرأتُ شيئاً يسيراً سُطوراً منها - وَأَشَارَ إِلَى السَّحَابَتَينِ فَدَنَتَا مِنَّا - لأنَّهم كانوا قد نزلوا مِنَ السَّحابتين مِنَ الغَمَامَتين نزلوا في بعضِ المواطنِ من رحلتهم ومن سَفَرِهِم - فَقَالَ: خُذُوا مَوَاضِعَكُم - لابُدَّ أن يجلسوا بطريقةٍ خاصَّة، هذا التعبيرُ يُشعِر بهذا المعنى - فَجَلَسْنَا عَلَى سَحَابَةٍ - في سحابتهم الَّتي جاؤوا بها من الأرض - وَجَلَسَ الأَمِيْرُ عَلَى أُخْرَى، وَأَمَرَ الرِّيْحَ فَحَمَلَتْنَا حَتَّى صِرنَا فِي الجَوّ - العبارةُ جميلةٌ، لم يَقُل حتَّى صِرنا في الهواء، الهواء هو الفضاء، ولكن التعبير بالجو تعبيرٌ واضحٌ.

لاحظوا العبارة المهمَّةَ هُنا: حَتَّى رَأَيْنَا الأَرْضَ كَالدِّرْهَم - كَالدِّرهم، إنَّها الكرةُ الأرضيَّة.

أنا أسألكم وأسألُ وجدانكم وإنصافكم إنْ كان عندكم وجدان وإنْ كان عندكم إنصاف، أُخاطِبُ الَّذين يعتمدون المنهج السندي القذر في رفضِ هذهِ الأحاديث: هذا الكتابُ (تفسيرُ البرهان) للسيِّد هاشم البحراني متى أُلِّف؟ هاشم البحراني توفي سنة (1107) للهجرة، قطعاً هذا الكتاب أَلَّفهُ قبل وفاتهِ، قبل (1107)، نحن الآن في سنة (1443)، هذا الكتاب مُؤلَّف قبل 350 سنة، سَيِّد هاشم البحراني نقلَ الرواية مِن كتابٍ آخر ذكرتهُ لكم (منهجُ التحقيق إلى سواءِ الطريق)، هذا الكتابُ كان موجوداً قبل هاشم البحراني وقبل كتابِ هاشم البحراني، حتَّى إذا أردتُ أن أقولَ من أنَّ هاشِمَ البحراني هو الَّذي افترى هذا الحديث، مِن أين جاء بهذهِ المعلومةِ قبل 350 سنة، "مِن أنَّ الأرضَ للَّذي يُسافِرُ في الفضاء وإذا رجعَ إليها يراها من بعيدٍ كالدرهم"، من أين جاء بهذهِ المعلومة؟

بحدودِ ثقافتي وأنا قد اطلعتُ على الكثيرِ من المعلوماتِ والثقافات، اطلعتُ على كُتب الفلسفةِ، وكُتُبِ التاريخِ، واطلعتُ على الكثيرِ من كُتُب العلومِ القديمةِ والحديثة، إنَّني ما وجدتُ شيئاً كهذا، في كُتُبِ القُدماءِ، مِن حديثٍ عن رحلةٍ في الفضاءِ وأنَّ الرَّاجِعَ إلى الأرضِ يرى الأرض كالدرهم.

لماذا وصفها سلمانُ بالدرهم؟ لماذا لم يصفها بالدينار؟ ما هو الدينارُ أغلى ثمناً، والدينارُ أقربُ إلى حواسّ الإنسانِ من الدرهم، فهو الأغلى وهو الأجمل وهو الأفضل، لماذا وصفها بالدرهم؟ لأنَّ الدينار ذهبيٌّ والأرضُ للقادمِ من الفضاء إليها لا يراها ذهبيَّةً، هذا نحنُ عرفناهُ الآن، هذا عرفناهُ بعدَ أن صُوِّرت الأرض، ماذا يُسمُّونَ الأرض؟ بالكوكبِ الأزرق، بعد أن صُوِّرت، بعدَ أن استطاعَ الإنسانُ أن يخرج من الأرض، زُرْقَةُ الأرض مَردُّها إلى كثرةِ الماءِ فيها، فَمِساحةُ الماءِ فيها واسعةٌ كبيرةٌ جِدَّاً، فلونُ الماءِ معَ انعكاس الضوءِ عِبْرَ الغِلاف الغازي يجعلُ الأرضَ مُلوّنةً بلونٍ قريبٍ من اللون الأزرق، الَّذي يُخالِطُهُ شيءٌ من اللون الرَّصَاصي، وهذا هوَ لونُ الدرهم، الدراهمُ في زمانِ هذهِ السَّفرةِ كانت تُصنَعُ من الفِضَّة الَّتي ما هي بفضَّةٍ صافية، ما كانوا يمتلكونَ الوسائل لتنقيةِ الفِضَّةِ في الزَّمان الَّذي حدثت فيهِ هذهِ السَّفْرَة على الأرض، فكانت الفِضَّةُ الَّتي يستعملونها كانت مخلوطةً بعناصر أخرى، هُناك زُرْقةٌ فيها بسببِ الشَّوائبِ المختلطةِ بالفِضَّة، وصفٌ دقيقٌ من سلمان للكُرة الأرضيّة من أنَّها كالدرهم، إنَّهُ الكوكبُ الأزرق.

أتعلمونَ مِن أنَّ أقدمَ صُورةٍ صُوِّرت للكرةِ الأرضيّة متى كانت؟ 1966 ميلادي، (تفسير البرهان) مُؤلَّف قبل 350 سنة، يعني قبل أوَّلِ صُورةٍ أُخِذت للأرض، هذا الكتاب مُؤلَّف بثلاثة قرون، فمن أين جاء هاشمُ البحراني بهذهِ المعلومة؟ إذا كانت هذهِ الروايةُ مكذوبةً، معَ أنَّ هاشم البحراني نقلها عن كتابٍ قبله، لكنَّني أفترضُ أنَّ هاشم البحراني هو الَّذي افترى هذهِ الرواية، من أينَ جاء بهذهِ المعلومة؟

-عرض أقدم صورةٍ صَوَّرها الإنسانُ للكُرةِ الأرضيّة بشكلها الكامل.

تعليق: هذهِ أقدمُ صورةٍ أُخِذت للكُرةِ الأرضيّة، التاريخ عليها: 11/11/1966، هذهِ الصورةُ أخذتها وكالةُ ناسا للفضاء، الوكالةُ الأمريكيّةُ المعروفة، قبل هذا التاريخ كانت هناك صورٌ للكرة الأرضيّة لكن لأجزاء من الكرةِ الأرضيّة.

-عرض الصورةُ الَّتي بعدها.

تعليق: هذهِ الصورة أيضاً للكرةِ الأرضيّةِ من الفضاء عِبر وكالة ناسا بتاريخ: 10/11/1967.

-عرض الصورة الَّتي بعدها.

تعليق: هذهِ الصورة 20/5/2018.

-عرض آخر صورة هي بأيدينا عن الكرةِ الأرضيّة.

تعليق: وهي موجودةٌ الآن في الموقع الالكتروني الرسمي لوكالة ناسا الفضائيّة الأمريكيّة، تاريخ هذهِ الصورة: 10/6/2021، وكانَ في هذا اليوم قد حصلَ خُسوفٌ للقمر، وأثرُ الخُسوف موجودٌ على القُطب الشمالي للكرة الأرضيّة، هذهِ الصورةُ أقربُ إلى أن نصفها بوصفِ الدرهم مثلما وصفها سلمانُ الفارسي رضوان الله تعالى عليه..

سأُكمِلُ قراءة الرواية، سلمانُ يقول: ثُمَّ حَطَّتْنَا فِي دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين فِي أَقَلِّ مِن طَرفِ النَّظَر - سُرعةٌ أشدُّ من سُرعةِ الضَّوء، هذهِ السرعةُ لم تتوفَّر لا لِسُليمان ولم تتوفَّر لذي القرنين، هذا التعبيرُ إذا أردنا أن نفهمهُ بنحوٍ علميٍّ إنَّهُ الحديثُ عن سُرعة الضَّوء، لأنَّ الضَّوءَ هو الَّذي ينقلُ لنا صُورَ الأشياء - وَكَانَ وُصُولنَا إِلَى الـمَدِينَةِ وَقْتَ الظُّهْر وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّن وَكَانَ خُرُوجُنَا مِنْهَا وَقْتَ عَلَت الشَّمْس - أي في وقت الضحى، عَلَت الشَّمس؛ يعني بعد أن أشرقت، فحينما تُشرِقُ الشَّمس تكونُ هابطةً ثُمَّ تعلو، فَلَمَّا تعلو ويشتدُّ ضوؤها يُقالُ لهذا الوقت الضُحى إنَّها بدايةُ الضُحى، تكونُ عند بداية الصُّبح بعد إشراقةِ الشَّمس، حينما تعلو الشَّمس بعد أن كانت هابطةً في وقتِ إشراقها - فَقُلْتُ: أَيَا لِلَّهِ العَجَب كُنَّا فِي جَبَلِ قَاف - وجبلُ قاف يُحيطُ بالأرض، كم هي المسافةُ فيما بينهُ وبين الأرض؟ نحنُ لا نعلمُ ذلك - كُنَّا فِي جَبَلِ قَاف مَسِيرَةَ خَمْسِ سِنِين وَعُدْنَا فِي خَمْسِ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَار - مِن أوَّلِ الصُّبْح إلى وقتِ الظهيرة، إلى وقتِ الأذان - فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين: لَو أَنَّني أَرَدتُ أَنْ أَخْرِقَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا وَالسَّمَاوَاتِ السَّبْع وَأَرجِعَ فِي أَقَلِّ مِنَ الطَّرْف - فِي أسرع من الضَّوء - لَفَعَلت بِمَا عِنْدِي مِن اِسْمِ اللهِ الأَعْظَم - قلتُ لكم هذا بالأسباب، اسمُ الله الأعظم والمراد منه عِلمُ اِسم الله الأعظم هذهِ أسباب، أمَّا مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّدٍ فهم فوقَ الأسباب في مقاماتهم العالية، الإمامُ المعصومُ لهُ مقامهُ البشريُّ المقيَّد ولهُ مقامهُ البشريُّ المطلق، هذا الَّذي نتحدَّثُ عنه هذا في مقامهِ البشري المقيَّد، سَأُحدِّثكم عن المقامين من قُرآنهم ومن أحاديثهم ورواياتهم وأدعيتهم وزياراتهم - فَقُلنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِين أَنْتَ وَاللهِ الآيَةُ العُظْمَى - هذهِ الآيةُ العُظمى مو ذوله السرابيت، مو هذي السَّفَلَة، الآيةُ العُظمى هذا - وَالْمُعْجِزَةُ البَاهِرَة بَعدَ أَخِيكَ وَابْنِ عَمِّكَ رَسُولِ الله - كُلُّ هذا في المقام البشري المقيَّد.

المجموع :2701