سيّد قُطب كان ماسونيّاً، بل مِن نُخبة كبار الماسون !
قطب ماسوني

سيّد قُطب كان ماسونيّاً، بل مِن نُخبة كبار الماسون !

وصف للمقطع

مقطع من برنامج [ السرطان القطبيُّ الخبيث في ساحة الثقافة الشيعيّة الحلقة 14 ]
✤ بعد الطفولة والشباب (ولازلنا في مَرحلة الشباب).. انتقل سيّد قُطب إلى حالةٍ ثالثة حينما صار ماسونيّاً.. فسيّد قطب كان ماسونياً بامتياز!
نحنُ لا نملكُ تأريخاً دقيقاً متى انتمى سيّد قُطب للماسونيّة ومتى تَركها.. فهو صار ماسونيّاً وغالى في الماسونيّة كثيراً وهذا واضحٌ مِن كتاباته.. ولكن من خلالِ قرآئن: يبدو أنّه بقي في أجواء الماسونيّة لسنين طوال، وهذا ما يتّضح مِن خلال تتبّع تفاصيل حياته.
✤ (مجّلة التاج المصري) هي المَجلّة الرسميّة الناطقةُ بإسم المَحفل الماسوني في القاهرة.. سيّد قُطب كان مِن كُتّابها ومِن مُحرّريها.. لم يكتب فيها مرّة واحدة، وإنّما كان يكتبُ في تلك المَجلّة لمرّات كثيرة. (عرض لصُورة مَجلّة التاج المِصري الماسونيّة مع وقفة قصيرة تَعريفيّة بها، وحديث عن المَقال الإفتتاحي فيها الذي كتبه سيّد قُطب تحت عنوان: لِماذا صِرتُ ما سونيّاً؟).
● أهمّ ما يُحرّر في (مجلّة التاج المِصري) هو المَقال الافتتاحي.. وهذا المقال الافتتاحي لمرّات كثيرة كان سيّد قُطب يكتبه ما دامت المجلّة تصدر لعدّة سنوات وهذا المقال على وجه الخصوص (لِماذا صِرتُ ماسونيّاً؟) تمّ اختياره؛ لأنّ سيّد قُطب هنا يُصرّح تصريحاً علنيّاً ويُبيّن بياناً واضحاً مِن أنّه ماسونيٌ حتّى النُخاع. أمّا المَقالات الأخرى فتشتملُ على مَوضوعات مُختلفة.. وسنأتي على الحديث عن مَقالاتهِ الأخرى.
● في نهاية المقال وقّع مقاله فقط بكلمة (سيّد) وهذا عُرفٌ كان موجوداً لكلّ الذين يكتبون المقال الافتتاحي لِمجلّة التاج المِصري.. هو إشعارٌ بالتواضع أمام هذه المُنظّمة المُقدّسة في نظر أتباعها.. فهم يُظهِرون التواضع دائماً، وإنْ كان سيّد قُطب حتّى في كُتب أُخرى مِن كُتبهِ ذكر اسمه فقط في الإهداء مثل كتاب [التصوير الفنّي في القرآن]، وكذلك كتاب [مشاهد القيامة في القرآن] وفي مواطن أُخرى.. ولكن كان معروفاً في هذه المجلّة (مجلّة التاج المِصري) أنّ مَن يكتب المَقال الافتتاحي فقط يذكر اسمه.. وهذا المقال هو مقالٌ لسيّد قُطب، يعرفهُ كُلّ المُطلّعين على تأريخ الماسونيّة في مِصر، ويعرفهُ كُلّ المُتتبّعين لتأريخ سيّد قُطب، لأنّ الرجل بقي ماسونيّاً لفترة زمنيّة طويل.
✤ هناك قضيّة واضحة جدّاً، وهي: أنّ سيّد قُطب هاجم جميع الاتّجاهات، ولكنّه لم يُهاجم الماسونيّة حتّى آخر عُمره! فقط أشار إليها بسطر واحد وفي حاشيّة كتابٍ من كُتبه. هاجم جميع الاتّجاهات خُصوصاً حينما بدأ يتوجّه بنحوٍ شديد في الاتّجاه الإسلامي.. الماسونيّة هي الجهة الوحيدة التي لم يُهاجمها سيّد قُطب في كُتبه! لربّما كان يخجلُ مِن نفسهِ أو يخجلُ مِن الآخرين.. أو ربّما ما كان يُريد أن يُثير هذا الأمر على نفسه من أن يُقال له: أنّك كُنت ماسونيّاً لمدّة زمنيّة طويلة، وكُنت تقول عن الماسونيّة ما تقول.
✤ وقفة عند مقال سيّد قُطب الذي يحمل عنوان (لِماذا صرت ماسونياً) الذي كتبه في مجلّة "التاج المصري" العدد 787 الصادر يوم الجمعة 23 أبريل عام 1943م.. مقالٌ طرحَ فيه السؤال على نفسه وحاول الإجابة.. جاء في هذا المقال:
(كثيراً ما تمرُّ على المرء سُويعات يحلو لهُ فيها أن يخلوَ إلى نفسه، إمّا مُسترسلاً في الذكرى أو تائهاً في بيداء الفِكْر، ﻻ يكادُ يبدأ مِن ناحية ما حتّى ينتهي إلى أخرى، وهكذا دواليك يظلُّ مُتجوّﻻً بفِكْره بين جنباتِ الماضي، مُتطلّعاً إلى ميادين المُستقبل، فإمّا حسرةٌ وأسىً على ما ولّى وانقضى، وإمّا ابتسامةُ رضىً وقنوع بما فات وانصرم، ويلتقي هذا وذاك مع نظرةٍ إلى المُستقبل الغامض فيها أملٌ ورجاء لكن دون إسرافٍ أو مُبالغة.
كان ذلك مُنذُ أيّام حِين تَجاذبتني هذهِ العوامل، وغَمرتني لُجّة تلكَ اﻷحاسيس، فكان أوّل سُؤال قفزَ أمام عيني، وتجسّم حتّى طغى على مَن دونه ذلك السؤال هو: "لماذا صرتُ ماسونيا؟" حاولتُ مِن هذا السؤال خَلاصاً بل مِن هذا اﻷمر فِكاكاً، إذْ لستُ ابنَ بجدتها ولستُ فارسَ ذلك الميدان، ولكن ذَهبتْ مُحاوﻻتي أدراجَ الرياح، فتوقفتُ لحظةً بل لحظات حتّى نسيتُ نفسي ونسيتُ أنّ هناكَ إجابةً مُعلّقة عليّ أن أؤديها، ثُمّ لم ألبثْ حتّى عَجبتُ مِن أمر نفسي وساءلتها: لم هذهِ الحيرة وهذا التردّد؟ فأجابتني: 
السُؤال سهلٌ وميسور، والجواب مِن القلب للقلب، فعرفتُ عندئذ أنّي صرتُ ماسونيّاً ﻷنّني أحسستُ أنّ الماسونيّة بلسمٌ لجراح اﻹنسانية، طرقتُ أبوابَ الماسونيّة ﻷُغذي الرُوح الظَمأى بالمزيد مِن الفَلسفة والحِكمة، وﻷقتبسَ مِن النور شُعلةً بل شُعلات تُضيءُ لي طريق الحياة المُظلم، وﻷستمدّ قوّةً أحطّم بها ما في الطريق مِن عراقيل وأشواك، ثُم ّلكي أكون مُجاهداً مع المجاهدين أي مع الماسونيين وعاملاً مع العاملين.
لقد صرتُ ماسونيّاً ﻷنّني كنتُ ماسونيّاً أي بالفطرة ، ولكن في حاجةٍ إلى صَقلٍ وتَهذيب، فاخترتُ هذا الطريق السوي، ﻷتركَ ليد البناية الحرّة هذا عنوان للمُنظّمة الماسونيّة مُهمّة التهذيب والصَقل، فنعمتْ اليد، ونِعْمَ البنّاؤون اﻷحرار. عرفتُ أنّ الماسونيّة ليستْ مبدءاً أو مذهباً يُعتنق، وإنّما هي الرجولة واﻹنسانية التي تدفع باﻹنسان إلى عمل الخير دُون وازع، إلّا وازعٌ مِن وجدانه وضميره، هي روحٌ عاليةٌ نبيلة تسمو باﻹنسان عن الصغائر وتُنزهه عن التُرّهات والسفاسف، هي المَثلُ اﻷعلى لكلّ مَن يَنشد كماﻻً أو يبغي رفعة ومجداً، هي الفضيلة التي تنطوي على أسمى المعاني وأشرف المقاصد وأنبلها، هي مبدأ الكمال ومُنتهاه.

المجموع :2701