قصة الاية {ولا تَقولوا لِمَن ألْقى إليكم السلامَ لسْتَ مُؤمناً} و الموازيين الظاهرية
- طول المقطع : 00:07:42
وصف للمقطع
مقطع من برنامج قرآنهم ح2
❂ لقطة قرآنية أُخرى: وقفة عند الآية 94 من سورة النساء: {يا أيُّها الذين آمنوا إذا ضَربتُم في سبيلِ الله فتبيّنوا ولا تَقولوا لِمَن ألْقى إليكم السلامَ لسْتَ مُؤمناً تبتغونَ عَرَض الحياة الدنيا فعند الله مغانمُ كثيرة كذلك كنتم من قبْل فمَنَّ الله عليكم فتبيّنوا إنَّ الله كان بما تعملون خبيرا}
● قول الآية {إذا ضَربتُم في سبيلِ الله} أي تنقّلتم وتحرّكتم وسافرتم، والخِطاب هنا للمُسلمين الذين يَخرجون في مأموريّة قتاليّة شرعيّة أو ما يَقربُ منها. (فتبيّنوا) أي لا تُؤذوا أحداً، لا تُصدروا حُكماً على أحد دون تثبّت.
● {ولا تَقولوا لِمَن ألْقى إليكم السلامَ لسْتَ مُؤمناً} اعتماداً على ظُنونكم .. بعبارة مُختصرة: لا تعتمدوا الموازيين الظاهرية.. ابحثوا عن التفاصيل.. ولا حظوا الآية هُنا يَصدر الأمر فيها مرّتين (فتبيّنوا)
(وقفة عند [تفسيّر القمّي] يُبيّن لنا متى نزلت هذهِ الآية وما حِكايتها)
■ جاء في تفسير القمّي لِقولهِ تعالى {يا أيُّها الذين آمنوا إذا ضَربتُم في سبيلِ الله فتبيّنوا ولا تَقولوا لِمَن ألْقى إليكم السلامَ لسْتَ مُؤمناً تبتغونَ عَرَض الحياة الدنيا} أنّها نزلتْ لمَّا رجعَ رسولُ الله مِن غزوة خيبر وبعثَ أسامة بن زيد في خيلٍ إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام، وكان رجلٌ من اليهود يُقال له مرداس بنُ نُهيك الفدكي في بعض القرى، فلمّا أحسَّ بخيل رسول الله جمعَ أهلهُ وماله وصار في ناحية الجبل، فأقبلَ يقول: أشهدُ أن لا اله إلا الله وأنَّ مُحمَّداً رسول الله، فمرَّ بأُسامة بن زيد فطعنهُ فقتله، فلمَّا رجع أسامة إلى رسول الله أخبرَ بذلك، فقال له رسول الله: قتلتَ رجُلاً شَهِد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله؟! فقال: يا رسول الله إنّما قال تعوّذاً مِن القتل. فقال رسول الله: فلا شقَقْتَ الغِطاء عن قلبهِ ولا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه علِمتَ!!
فحلف بعد ذلك أنَه لا يقتل أحداً شهد أن لا إله إلّا الله وأنَّ مُحمَّداً رسول الله، فتخلّف عن أمير المؤمنين في حروبه..)
● قول رسول الله (فلا شقَقْتَ الغِطاء عن قلبهِ ولا ما قال بلسانه قبلت) يعني: بأيّ ميزانٍ عملت هذا الفعل ؟! والجواب أنّه عَمِل بميزان اصطنعه من نفسه فقتل الرجل!! وكان الأمر مُخالفاً لِما يُريد سيّد الأنبياء.
● قول الرواية: (فتخلّف عن أمير المؤمنين في حروبه) وهذا الفعل أقبحُ من الأوّل.. لاحظوا حِين نَصب أسامةُ بن زيد نفسهُ مِيزاناً للتقييم وأسّس عِلْمه الرجالي الخاص بهِ.. النتيجة هي: أنّه خَذَلَ نفسه حِين خذل أمير المؤمنين، فلم ينصر سيّد الأوصياء! فأيّ عاقبة هذهِ لأسامة هذا حين خذل سيّد الأوصياء! فالحكاية بدأت مِن نفس الجذر الإبليسي الشيطاني.. (موازينُ التقييم)!!
● قد يقول قائل:
فماذا نصنعُ؟ فالحياةُ لا تسيرُ مِن دون هذه الموازيين.. وأقول: إنّني لا أتحدّث عن الحياة، إنّني أتحدّث عن حديث أهل البيت.. فأهل البيت وضعوا منهجيّة لقبول الحديث وردّه.. فلماذا علماءنا أعرضوا عن هذه المنهجيّة المعصوميّة، وذهبوا يركضون وراء هذا المنهج الشيطاني؟!!
على أيّ أساس حكموا على هذا الراوي أنّه كاذب أو أنّه صادق..؟! فنفس هذهِ الكلمة يُمكن أن نقولها للرجاليين مِن علمائنا، فنقول لهم: فلا شَققتم الغِطاء عن قُلوب هؤلاء الرُواة، ولا أنّكم حكمتم على ظواهر ما قالوا، ولا أنّكم علمتم ما في أنفُسهم! فعلى أيّ أساسٍ حكمتم عليهم؟!
بهذه الطريقة وبهذا الهُراء مِن القول ذُبحتْ أحاديث العترة في تفسير القرآن! وموقف أُسامة هذا قاده لِخذلان سيّد الأوصياء حِين وضعَ مِيزاناً آخر وكان المِيزانُ الآخرُ خاطِئاً أيضاً.. وهكذا هو حالُ كلّ مَن لا يعمل بِموزايين العِترة فهو يقعُ في خطأٍ بعد خطأ..!