مُقدِّماتُ عاشوراء الحُسَيْن في زمانِ نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ
وصف للمقطع

في الجزء الثامن من الكافي الشريف/ لشيخنا الكليني/ طبعةُ دار التعارف/ بيروت - لبنان/ صفحة 153/ رقم الحديث 202/ أذهبُ إلى موطن الحاجةِ فقط، الحديثُ فيهِ الكثيرُ من التفاصيل، الحديثُ بسندِ الكُليني، عَن أَبي بصيرٍ عن إمامنا الصَّادقِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، حديثٌ عن الصحابة الَّذين كتبوْا الصحيفةَ المشؤومة والَّتي طُبِّقت عمليّاً في السقيفةِ الملعونة، الحديثُ في هذهِ الأجواء، ولستُ وارداً في تفاصيل الحديث، إنَّما أذهبُ إلى موطن الحاجةِ من هذا الحديث.

الحديثُ عن إمامنا الصَّادقِ عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وآله، خُلاصةُ القول: إِذَا كُتِبَ الكِتَاب - إنَّها الصحيفَةُ المشؤومة الَّتي كتبها جمعٌ من صحابة النَّبي من المهاجرين ومِمَّن معهم من الأنصار - إِذَا كُتِبَ الكِتَاب قُتِلَ الحُسَيْن - فالحُسَيْنُ قُتلَ في ذلكَ اليوم، هذا المضمونُ وهذهِ الحقيقةُ كانت مُتداولةً في دائرةِ أهل البيت وفي الدائرة القريبةِ منهم، من أنَّهُ إِذَا كُتِبَ الكِتَاب قُتِلَ الحُسَيْن، هذا مِصداقٌ من مصاديقِ التمهيدِ لعاشورَاء.

إِذَا كُتِبَ الكِتَاب - مِن هُناكَ قُتِلَ الحُسَين - إِذَا كُتِبَ الكِتَاب قُتِلَ الحُسَيْن - الَّذيْنَ كتبوْا الكتاب هم أقطابُ السَّقيفة الملعونة، هؤلاءِ هم الَّذين قتلوْا الحُسَين، هذهِ هي الحقيقةُ الَّتي يُريدُ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وآله مِنَّا أن نعرفها. وهذا المضمونُ جزءٌ من التمهيد الـمُحَمَّديّ لعاشوراء الَّذي هوَ كما قُلتُ لكم قبل قليل هوَ تمهيدٌ للمشروع القائمي، للمشروع المهدويّ الأعظم الَّذي هوَ بوّابةٌ وفاتحةٌ لعصر الرَّجعةِ العظيمة، ذلكَ العصرُ الَّذي يُختَمُ بالدولةِ الـمُحَمَّديَّةِ العُظمى، حيثُ تتحقَّقُ بِعْثةُ النَّبي، تتحقَّقُ رسالةُ النَّبي، تتحقَّقُ نُبوَّةُ النَّبي، يتحقَّقُ دينُ النَّبي، يتحقَّقُ إسلامُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآله في أبهى صورهِ، في أجملِ ما يمكنُ أن يكون في عالم الدنيا هذا.

بكاءُ نبيِّنا للحُسَينِ ما كان بُكاء عاطفةٍ من والدٍ على ولدهِ، هذا بكاءُ العقيدةِ، هذا بكاءُ العِبْرةِ قبلَ أن يكونَ بُكاءَ العَبْرةِ، هذا البُكاءُ جزءٌ من برنامجِ التمهيدِ لعاشوراء، وهو تمهيدٌ للمشروع المهدويّ الأعظم الَّذي هوَ تمهيدٌ للرَّجعةِ العظيمة، مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وآله بكى، بكى للحُسينِ وبكى على الحُسَيْنِ حتَّى قبلَ أن يُولد، وقبلَ أن تكونَ الزَّهراءُ حاملاً بهِ، بكى رسول الله، الروايات تُحدِّثنا لا أجدُ وقتاً لقراءتها يمكنكم أن تعودوْا إلى (كامل الزيارات) وإلى غيرهِ، ستجدونَ الأحاديث الشريفة عن أنَّ النَّبي الأعظم بكى للحُسينِ وبكى على الحُسَينِ قبل ولادتهِ وقبلَ أن تكون الزَّهراءُ حامِلاً بهِ حاملةً لهُ في رحمها الطاهر، وبكى سَيِّدُ الكائنات بكى للحُسينِ وعلى الحُسينِ، وفارقٌ بينَ البكاءِ للحُسينِ وعلى الحُسَينِ.

- هناك بكاءٌ للحُسَينِ.

- وهناك بكاءٌ على الحُسَينِ.

في زيارةِ الناحيةِ المقدَّسة ماذا جاء فيها؟ جاء الحديثُ عن بكاءِ الحُجَّةِ بنِ الحَسن للحُسينِ، فهو يبكي لهُ دماً، بدل الدموع، هناك بكاءٌ للحُسينِ، وهناك بكاءٌ على الحُسينِ، وهذا بكاءٌ ممدوحٌ وهذا بكاءٌ ممدوحٌ أيضاً، فمُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وآله بكى للحُسينِ وعلى الحُسينِ قبلَ أن يكون حَمْلاً، وقبلَ أن يكونَ في رَحمِ أُمّهِ، وقبلَ أن يُولَد، وحينما كانَ في رَحمِ أُمِّه بكى سَيِّدُ الكائناتِ لهُ وعليهِ، وحينما وُلِد وبعدما وُلد، لقد طال بكاءُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وآله لحُسينٍ وعلى حُسَين.

الأحاديثُ كثيرةٌ وفيرةٌ مبسوطةٌ في هذا المعنى أشيرُ إلى مثالٍ منها:

في كامل الزيارات/ لشيخنا ابن قولويه المتوفى سنة 368 للهجرة/ طبعةُ مكتبةِ صدوق/ طهران - إيران/ في الباب الثاني والعشرين/ إنَّهُ الحديثُ الرابع: بسندهِ، عَن إمامِنا الباقرِ صلواتُ اللهِ عليه: كَانَ رَسُولُ الله إِذَا دَخَلَ الحُسَيْنُ - إذا دخل عليهِ في المكان الَّذي يتواجدُ فيهِ رسول الله - كَانَ رَسُولُ الله إِذَا دَخَلَ الحُسَيْنُ جَذَبَهُ إِلَيْه - جَذَبهُ إليه؛ أَخذهُ إليه - ثُمَّ يَقُولُ لِأَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْن: أَمْسِكْه - أميرُ المؤمنين يُمسِكُ الحُسَين، يُمْسِكُهُ لرسولِ الله، فالنَّبيُّ هوَ الَّذي طلبَ منه - ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْه - رسولُ الله يقعُ على الحُسَين - ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي فَيَقُول - مَن الَّذي يقول؟ الحُسَيْنُ يقول - فَيَقُول: يَا أَبَا - يُخاطِبُ رسول الله - يَا أَبَا لِمَا تَبْكِي؟ فَيَقُول: يَا بُنَيّ أُقَبِّلُ مَوْضِعَ السُّيُوفِ مِّنْكَ وَأَبْكِي، قَالَ - قال الحُسينُ - يَا أَبَا وَأُقْتَل؟ قَالَ: إِي وَالله، وَأَبُوكَ وَأَخُوكَ وَأَنْت - إلى آخر الحديث الشريف.

(أُقَبِّلُ مَوْضِعَ السُّيُوف مِّنْكَ وَأَبْكِي)، كُلُّ هذا يُشكِّلُ أجزاءً كما قلتُ لكم من برنامجِ التمهيدِ لعاشوراء.

"اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاء أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي وَحَامَّتِي لَحْمُهُم لَحْمِي وَدَمُهُم دَمِي"، حديثُ الكساء اليماني في بيتِ فَاطِمَة، مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّدٍ هل هُم بحاجةٍ إلى مثلِ هذا التفصيل الَّذي جرى في بيتِ الزَّهراءِ في واقعةِ الكساء اليماني الفَاطِمي؟! هذا جزءٌ من برنامجِ التمهيدِ لعاشوراء في السنةِ الحادية والستين للهجرة وهو تمهيدٌ للمشروع المهدويّ الأعظم.

المجموع :2701