مُحاورة بين الإمام الصادق وبين أبي حنيفة...مِصداق للقياس الإبليسي
- طول المقطع : 00:17:14
- مقطع من برنامج : قرآنهم 9 - سورة الاعراف ج 6
وصف للمقطع
مقطع من برنامج قرٱنهم ح 9
http://www.almawaddah.be/posts.php?postId=335
■ وقفة عند مُحاورة بين الإمام الصادق وبين أبي حنيفة في كتاب [الاحتجاج: ج2] وهي مِصداق مِن مصداق القياس الإبليسي والعمل الإبليسي:
(أنَّ الصادق "عليه السلام" قال لأبي حنيفة لمَّا دخل عليه: مَن أنت؟ قال: أبو حنيفة. قال الإمام: مُفتي أهل العراق؟ قال أبو حنيفة: نعم.
قال الإمام: بما تُفتيهم؟ قال: بكتاب الله. قال الإمام: وأنَّك لعالمٌ بكتاب اللهِ ناسخه ومنسوخه، ومُحكمه ومتشابهه؟ قال: نعم. قال الإمام: فأخبرني عن قول الله عزَّ وجلَّ: {وقدَّرنا فيها السَير سِيروا فيها لياليَ وأيَّاماً آمنين} أيُّ مَوضعٍ هو؟ قال أبو حنيفة: هُو ما بينَ مكّة والمدينة، فالتفتَ أبو عبد الله إلى جُلسائه. وقال: نشدتُكم بالله هل تَسيرون بينَ مكّة والمدينة ولا تأمنون على دِمائكم مِن القَتل، وعلى أموالكم مِن السَرَق؟
فقالوا: الَّلهم نعم. فقال أبو عبد الله: ويحكَ يا أبا حنيفة! إنَّ الله لا يقولُ إلّا حقَّاً.
أخبرني عن قول اللهِ عزَّ وجلَّ: {ومَن دخله كان آمنا} أيُّ موضع هُو؟ قال: ذلك بيتُ اللهِ الحرام، فالتفتَ أبو عبد الله إلى جُلسائه وقال: نَشدتكم بالله، هل تعلمون أنَّ عبد الله بن الزبير وسعيد بن جُبير دَخلاهُ فلم يأمنا القتل؟ قالوا: الَّلهم نَعم. فقال أبو عبد الله: ويحك يا أبا حنيفة! إنَّ الله لا يقولُ إلّا حَقَّاً. فقال أبو حنيفة: ليس لي عِلْمٌ بكتاب الله، إنّما أنا صاحبُ قياس يعني أستعملُ المنطق وأستعمل منهجية عقلية في التفكير والوصول إلى النتائج.
قال أبو عبد الله: فانظرْ في قياسكَ إنْ كُنتَ مُقيساً، أيُّما أعظم عند الله القتل أو الزنا؟ قال: بل القتل. قال الإمام: فكيف رضى في القَتْل بشاهدين، ولم يرضَ في الزنا إلّا بأربعة؟ ثمّ قالَ لهُ: الصلاة أفضلُ أم الصيام؟ قال: بل الصلاةُ أفضل. قال عليه السلام: فيجبُ على قِياس قولكَ على الحَائض قضاءُ ما فاتها مِن الصلاة في حال حَيضها دُون الصيام، وقد أوجبَ الله تعالى عليها قضاء الصومِ دُون الصَلاة.
قال له: البول أقذرُ أم المني؟ قال: البَول أقذر. قال "عليه السلام": يجبُ على قياسكَ أن يجب الغُسل مِن البول دُون المني، وقد أوجب الله تعالى الغُسل من المني دون البول. قال: إنّما أنا صاحبُ رأي أي باحث مُحقّق
قال "عليه السلام": فما ترى في رجلٍ كان لهُ عبد فتزوّج وزوَّج عبده في ليلةٍ واحدة، فدخلا بامرأتيهما في ليلةٍ واحدة ثمَّ سافرا وجعلا امرأتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين، فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيُّهما في رأيك المَالك وأيُّهما المَملوك وأيُّهما الوارث وأيُّهما الموروث؟
قال: إنّما أنا صاحبُ حدود أي الذي يُقيم الحدود على مَن عليه حدّ كالزاني مثلاً قال الإمام: فما ترى في رجلٍ أعمى فقأ عين صحيحٍ، وأقطع يده مقطوعة قطع يد رجل، كيف يقام عليهما الحد. قال: إنَّما أنا رجلٌ عالمٌ بمباعثِ الأنبياء. قال الإمام: فأخبرني عن قول الله لموسى وهارون حِين بَعَثَهُما إلى فرعون: {لعلَّه يتذكَّر أو يخشى} ولَعلَّ مِنكَ شكٌ؟ قال: نعم. قال الإمام: وكذلك مِن اللهِ شكٌّ إذ قال: (لعلَّه)؟ قال أبو حنيفة: لا علم لي. قال "عليه السلام": تزعمُ أنَّك تُفتي بكتاب الله ولستَ مِمَّن ورثه الوراثة العلمية وتزعم أنّك صاحبُ قياس وأوّل مَن قاس إبليس لعنهُ الله، ولم يُبنَ دينُ الإسلام على القياس، وتزعمُ أنّك صاحبُ رأي وكان الرأيُّ مِن رسول الله صواباً ومِن دُونه خطأ، لأنّ الله تعالى قال:
{فاحكم بينهم بما أراك الله} ولم يقلْ ذلك لغيره، وتزعمُ أنّك صاحبُ حدود، ومَن أُنزلتْ عليه أولى بعلْمها منك، وتزعمُ أنّك عالمٌ بمباعثِ الأنبياء هذا هو علم الكلام، ولَخاتم الأنبياء أعلمُ بمباعثهم منك، ولولا أن يُقال: دَخل على ابن رسول الله فلم يسأله عن شيءٍ ما سألتكَ عن شيء، فقِسْ إنْ كُنتَ مَقيساً.
قال أبو حنيفة: لا أتكلّم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس. قال الإمام: كلّا. إنَّ حُبَّ الرئاسةِ غيرُ تارككَ كما لم يتركْ مَن كان قبلكَ..)
● قول الرواية (بما تُفتيهم؟ قال: بكتاب الله) دقّقوا في تَفاصيل هَذا الحِوار وطَبّقوه على الواقع.. حِينما يتحدّث عالم الدين الشيعي فإنّ أوّل عنوان يطرحه هو: القرآن، حتّى لا يُقال أنّ الشِيعة لا تهتم بالقرآن (وهو منهج المُخالفين لأهل البيت).
● الشيء الواضح في هذه المُحاورة هو الإدّعاء بالرجوع إلى كتاب الله مِن دون العِترة، ثُمّ بعد ذلك الرجوع إلى القواعد المنطقيّة والأصوليّة مِن دون العِترة، ثُمّ بعد ذلك الرجوع إلى الرأي (البحث الشخصي)، وإلى علم الكلام مِن دون الرجوع إلى العترة.
هذهِ المَنهجيّة مَنهجيّة إبليسيّة واضحة، ولِذلك قال له الإمام الصادق: وأوّل مَن قاس إبليس لعنه الله.