وقفة مع كتاب الإختصاص للشيخ المفيد
وصف للمقطع

كتابُ (الاختصاص) لشيخنا المفيد رحمةُ اللّهِ عليه/ طبعةُ مُؤسَّسةِ النشر الإسلامي/ قُم المقدَّسة/ هذهِ مُقدِّمةُ الشَّيخ المفيد، والعَالِـمُ البارعُ نستطيعُ أن نَكتشفَ مِن خِلالِ مُقدِّمتهِ ماذا يُريدُ أن يقول، ماذا في كَواليسِ هذا الكتاب؟ في الصفحة الأولى، يقول: هذا كِتابٌ ألَّفتهُ وصَنَّفتهُ - هذا كلامٌ طبيعيٌّ، ولكنَّ الكَلِمةَ القادِمة غريبةٌ لا تُستعملُ في مثلِ هذا المقام - هذا كِتابٌ ألَّفتهُ وصَنَّفتهُ وَأُلْعِجْتُ في جَمعهِ وإسبَاغِه - "أُلْعِجْتُ"؛ أُلْعِجْتُ إلْعَاجاً، هذا التعبيرُ غريبٌ!! ما المُراد مِن هذا التعبير حينَ أقول أُلْعِجْتُ؟ "أُلْعِجْتُ"؛ أنَّني حُرِقْتُ بِنَارِ الألم هذا هو الإِلْعَاج، يقولونَ لَوَاعِجُ الحُزْن حينما يُسَيطرُ الحُزْنُ على القُلُوبِ والأفئدة فَيُقالُ لذلكَ هَيْمَنَت عليهَا لَوَاعِجُ الأحزان، الَّذي يُضْرَبُ ضَرْباً مُبرِّحاً ويَتألَّمُ ألَماً شديداً يقولُ عن نفسهِ مِن أنَّني أُلْعِجْتُ أو أَلْعَجُونِي، أَلْعَجُونِي بِضربهم الـمُبرِّحِ وآلَموني، عبارةٌ غريبةٌ تأتي هُنا، هي تكشفُ عن الحالة النَّفسيَّةِ للمُفيد، بعد كُلِّ هذا العُمر وإذا بعشراتِ ما أَلَّفَ مِنَ الكُتُب كانَ قد أَلَّفَها في ضلال وها هو يُريدُ أن يبدأ من الصفر، فماذا سَيُدركُ مِن الَّذي فات؟! وماذا سَيُصَحِّحُ مِن الَّذي غَبَر؟! ولذا يقول: وَأُلْعِجْتُ في جَمعهِ وإسبَاغِه وَأقحَمتهُ فُنوناً مِن الأحاديث وعُيوناً مِن الأخبار ومَحاسِنَ مِن الآثارِ والحكايات في معانٍ كثيرةٍ - في أيِّ موضوع؟ - مِن مَدح الرِّجالِ وَفَضلِهم وَأقدَار العُلماءِ ومَراتِبهم وفِقْهِهم - أيُّ عُلماء؟ إنَّهُ يَتحدَّثُ عن أصحاب الأَئِمَّة، هؤلاءِ هُم السَّلَفُ الصَّالِح الَّذين وَردَ ذِكرهُم في الرِّسالتين وجعلَهُم الإمامُ أساساً لمنهاجٍ وطريقٍ مَيَّزَ وِفقاً لهُ بينَ مجموعتين؛ بينَ مجموعةٍ قَليلةٍ تمسَّكت بمنهجِ السَّلَف الصَّالِح، ومجموعةٍ كَبيرةٍ خائنةٍ، (مُذْ جَنَحَ كَثِيرٌ مِنُكُم إِلَى مَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعَاً وَنَبَذوا العَهْدَ الْمَأخُوذَ مِنْهُم وَرَاءَ ظُهُورِهِم كَأَنَّهُم لَا يَعْلَمُون)، وعادوا إلى السَّلف الصَّالِحِ فَمزَّقوه، هذهِ المجموعةُ الكثيرةُ وإلى يومك هذا يفعلونَ الأمرَ نَفْسَه يذهبونَ إلى رِواة الحديثِ يُمَزِّقونَهُم نادراً ما يَمدحونَ رَاوية حديث، لكنَّهم حِينَ يَتحدَّثونَ عن عُلماء حوزة الضلال يَمدَحُونَهُم جميعاً، هل هذا الكلامُ مَنطقيٌّ؟!

الكتابُ ما هو بكبيرٍ جِدَّاً، الكتابُ عاديٌّ في حجمهِ، المفيدُ أَلَّفَ كُتُباً بالعشرات وبعضُ هذهِ الكُتُب أكبرُ مِن هذا الكتاب فَلَم يَقُل مِن أنَّهُ قَد أُلْعِجَ إِلْعَاجَاً في تأليفها، القضيَّةُ ليست بخصوص الكتابِ نفسهِ وإنَّما بِخُصوصِ الحالة النَّفسيَّةِ الَّتي تُسيطرُ عليه بسببِ مُقَدِّماتها، بسببِ الظرف الموضوعي الَّذي كانَ يَعِيشهُ، إنَّهُ نَادِمُ مُتحَرِّقٌ على ما تَقدَّمَ مِنه مِن الهُراءِ والخراءِ والضلال، فلذا سَارَعَ إلى أنْ يَجمَعَ في هذا الكتابِ من الموضوعاتِ ما كانَ قد أساء في ذِكرها في كُتُبهِ الضَّالّةِ السابقة، جاء الكتابُ مُضطرباً.

هذا الكتاب إذا أردتُ أن أُعطيهُ درجةً في تنظيمِ الأحاديث: صفر من عشرة، كِتابٌ مُضطربٌ، لا أتحدَّثُ عن الأحاديث، ولا أتحدَّثُ عن مضامينها وإنَّما أتحدَّثُ عن الطريقةِ الَّتي نَظَّمَ بِها ورَتَّبَ بها الشَّيخُ المفيد هذا الكتاب، يبدو لي أنَّهُ كانَ مُستعجلاً جِدَّاً، إلَّا إذا كانَ قَد نَظَّمَ الكِتابَ بشكلٍ صحيح وبعدَ ذَلكَ جاء من عَبَثَ بالكتاب وهذا الاحتمالُ وَاردٌ لكنَّني لا أملكُ دليلاً على ذلك، الكتابُ مُضطربٌ لكنَّهُ يشتملُ على أجمل الأحاديث وأحلى الأحاديث، هذهِ الَّتي يُشْكِلُونَ عليها فيقولونَ مِن أنَّ الكتابَ يشتملُ على الأحاديث الغريبة حينما يتحدَّثونَ عن كتاب (الاختصاص)، لأنَّها تَتحدَّثُ عن شؤوناتِ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد أو عن شؤوناتِ أوليائهِم الـمُخلِصِين، عن شُؤوناتِ السَّلَفِ الصَّالِح، وهذا لا يَرُوقُ لَهُم - قالَ مُحمَّد بن مُحمَّدٍ بنِ النُّعمان - هذا هو المفيد وهكذا كانت الكُتُب تبدأ - حَدَّثَني أبو غالبٍ أحمدُ بنُ مُحمد الزُّرَاري - نِسبةً إلى زُرَارة - وجعفر بنُ مُحمَّدٍ بن قولويه - هؤلاء أساتذةُ المفيد، وابنُ قولويه صاحبُ كامل الزيارات هو من مشايخ المفيد - عن محمَّد بن يعقوب - إلى بقيَّةِ ما ذكرَ في سَنَدِهِ - أنَّ أميرَ المؤمنين صلواتُ اللّهِ عليه قَالَ فِي بَعضِ خُطَبه: أَيُّهَا النَّاس، أَيُّهَا النَّاس، اعْلَمُوا أنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِلٍ مَنْ انْزَعَجَ مِنْ قَوْلِ الزُّوْرِ فِيْه - هذهِ براعةُ استهلال باعتبارِ أنَّ المفيدَ سيذكرُ السَّلَفَ الصَّالِح والَّذينَ يَذمُّهُم أولئكَ الَّذينَ جَنحوا إلى ما كانَ السَّلفُ الصَّالِحُ عنهُ شاسعاً، الَّذينَ نبذوا العهدَ المأخُوذَ مِنهُم وَراءَ ظُهورِهم كأنَّهُم لا يعلمون، هذا هو منهجُ الضلالِ هُوَ هُوَ - وَلَا بِحَكِيمٍ مَن رَضِيَ بِثَنَاء الجَاهِل عَلَيه، النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا يُحْسِنُون وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِن فَتَكَلَّموا فِي العِلْم، فَتَكَلَّمُوا فِي العِلْم تَبَيَّنْ أَقْدَارُكُم - "تَبَيَّن"؛ أي تَتَبَيَّن، ويَستمرُّ في كلامهِ.

إذا ما رجعتُم إلى فهرست الموضوعات:

- "خُلِقت الأرض لسبعةٍ بِهم تُرزقون الَّذينَ حضروا الصَّلاة على فَاطِمَة؛ سَلمانُ المُحَمَّديُّ ومَن مَعَه..

- "ارتدادُ النَّاسِ بعد النَّبي إلَّا ثلاثة"، إنَّهُ يتحدَّثُ عن هؤلاء الثلاثة؛ "سَلمان والمِقداد وأبو ذر".

- "ذِكرُ السابقينَ المقرَّبينَ مِن أصحابِ أمير المؤمنين وهُم الأركانُ الأربعة وذكرُ التابعين"، الأركان الأربعة؛ سَلمان والـمِقداد وأبو ذَرّ وعَمَّار.

- "أصحابُ الحسن بن عليٍّ الـمُجتبى".

- "أصحابُ الحُسينِ بنِ علي".

- "أصحابُ عليٍّ بنِ الحُسَين" وهكذا.

هؤلاءِ هُم السَّلفُ الصَّالِح، المفيدُ أَلَّفَ هذا الكِتاب لذكرِ السَّلَفِ الصَّالِح، هؤلاءِ هُم العَلامةُ المُشَخِّصةُ للطريق الصحيح بعيداً عن المجموعةِ الثانية عن مجموعة الضلال الَّتي تَذمُّ أكثرَ هؤلاء وتمدحُ جَميعَ الَّذينَ نَبذوا العهدَ المأخوذَ مِنهُم وَراءَ ظُهُورهم كأنَّهُم لا يَعلَمون.

المفيدُ إذاً يُحاولُ أن يجمعَ ما يَستطيعُ أن يَجمَعهُ على كِبرِ سِنّهِ، هذهِ السَّنواتُ الأخيرةُ مِن حياتهِ، مرَّ علينا في ضلالِ المفيد وفي كُتبِ ضَلالهِ؛ "مِن أنَّهُ قَدَحَ في عِصمةِ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، وقَدحَ فِي عِلْمِهم، وقَدَحَ في كَمَالِهم"، مثلما قرأتُ عليكم مِن كتابهِ (تصحيحُ الاعتقاد)، إنَّهُ يُحاوِلُ أنْ يُصَحِّحُ ما قَد بَدَرَ مِنه، على سبيل المثال أُشيرُ إلى عناوين الموضوعات ولن أقرأ عليكم من الروايات الوقتُ لا يكفي.

أقرأ من الفهرست:

- "قُدرةُ الأَئِمَّةِ وما أعطوا من ذلك"، ما أعطوا من الولايةِ، صفحة (217).

- "خزائنُ الأرض ومفاتيحها للأَئِمَّة"، صفحة (269).

- "طاعةُ الأوصياء مُفترضة"، مُفترضة على الجميع، صفحة (277).

- "جهاتُ عُلوم الأَئِمَّة وأنَّ عِلمَ رَسول اللّه وعلومَ الأنبياء الَّذينَ قبلهم كانَ عِندَهم صلواتُ اللّهِ عليهم"، صفحة (278)، وسلسلةٌ تتفرَّعُ على هذا العنوان بخصوصِ عِلمِ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد.

- "في أنَّ الأَئِمَّة يَعلمونَ جميع الأَلْسُنِ واللُّغات"، صفحة (289).

- "في أنَّ عِندَهم كُتُبَ الأنبياءِ يَقرؤونَ على اختلافِ لُغاتها"، صفحة (292).

- "في أنَّهم يعرفونَ مَنطِق الطير"، صفحة (292).

- "في أنَّهم يعرفونَ مَنطِق الحيوانات".

- "في أنَّهم يعرفونَ أحوالَ جميع النَّاسِ عِندَ رؤيتهم".

- في أنَّهم في أنَّهم..

- "في أنَّ الأرضَ تُطوى لهم"، (315).

- "في غرائبِ أحوالِهم وأفعالهم"، (320).

- " في أنَّ الأَئِمَّة كُلَّهم مُحدَّثُون مُفَهَّمون"، (329).

- "في أنَّهم مُفوَّضٌ إِلَيهم"، (332).

كُلُّ هذهِ الأبواب تشتملُ على مجموعةٍ مُهمَّةٍ مُتنوّعةٍ مِنَ الأحاديث الشريفة جَمَعها المفيد، ولكنَّهُ لم يَكُن قد نَسَّقَها بحسبِ النُّسخةِ الموجودةِ عندَنا بشكلٍ جميل، إلَّا أنَّ الأحاديثَ موجودةٌ في هذا الكتاب، هي تتعارضُ تعارُضاً كاملاً مع الَّذي تَحدَّثَ بهِ في كتابهِ (تصحيحُ الاعتقاد)، أو ما أجابَ بهِ على أسئلة الَّذينَ سألوا في المسائلِ العُكبريّة وهو مِن كُتُبهِ (المسائل العُكبريّة)، الَّذينَ سألوا عن عِلمِ أمير المؤمنين وعِلمِ إمامنا الحسن الـمُجتبى وعِلمِ سَيّد الشُّهداء فيما يرتبطُ بما يجري عليهِم مِن الأحداثِ والوقائع، وقرأتُ عليكُم جوابهُ الركيك وجوابهُ التافه السَّخيف إلى أبعد الحدود، وهذا هو الجوابُ الَّذي يُجيبُ بهِ سائرُ مراجعِ الحوزةِ الطوسيَّة في زماننا اليوم، المفيدُ هُنا يتراجعُ عن كُلِّ ذلك، الكتابُ مَشحونٌ بالروايات الَّتي ترفضُ عقائدَ الضلال تِلك ولِذا هُم هؤلاء اللُّعناء السُّخفاء الَّذينَ يُنكِرونَ أنَّ الكتابَ للشيخ المفيد لأنَّهم يُريدونَ أن يُثْبِتوا ذلكَ الضلال، ويُحافظوا على بقائهِ في الوسط الشيعي، ولا يُريدونَ لِمثلِ هذهِ الثقافةِ المودَعةِ في كتاب (الاختصاص) أن تنتشرَ في الواقع الشيعي.

أيضاً المفيدُ أنكرَ الرَّجعةَ في آخرِ كتابهِ (الإرشاد)، أنكرَ الرَّجعةَ العظيمة، ولكنَّهُ في (أوائل المقالات) أَثْبَتَ الرَّجعةَ العجيبة، أثْبَتَ رجعةَ بعض المؤمنين وبعض الكافرين زمن الظُهور القائمي الشريف، أثبتَ هذا لكنَّ هذا لَيسَ أمراً مُهمَّاً بالقياسِ إلى الرَّجعةِ العظيمةِ الَّتي أنكرها وتَبنَّى قولاً كقول النَّواصبِ في كُتبهم، حتَّى وإن جاء في بعضِ رِواياتنا فالَّذي جاء في رِواياتنا جاء بلسان التقيَّةِ، بلسان المداراةِ، ونحنُ عِندَنا الكثيرُ من أحاديث التقيَّةِ ومن أحاديث المداراة، الأمورُ لا تُفْهَمُ بهذهِ الطريقة، آلُ مُحَمَّدٍ عِندَهُم معاريض وعندَهُم لحنُ قول وأرجعونا إلى مَعاريضهم وإلى لَحنِ قَولِهم كي نَفْهَم قَولَهم، وكي نُدْرِكَ مَضامينَ كلامِهم صلواتُ اللّهِ عليهم، لكنَّهُ هُنا يُثبِتُ الرَّجعةَ العظيمة، أصلاً الروايةُ الَّتي تتحدَّثُ عن أنَّ الحُسَيَن سيُقتَلُ مَرَّةً ثانيةً في الرَّجعةِ العظيمة، العِراقيّونَ سيقتلونَهُ مَرَّةً أُخرى موجودةٌ هُنا في كِتاب (الاختصاص)، صفحة (257)، فَهُو هُنا يُثبِتُ الرَّجعة في هذا الموضعِ وغَيرهِ، الرَّجعةُ الَّتي أنْكَرَها في كتاب الإرشاد أثبتها هُنا وبنحوٍ عميقٍ أثبتها، وإنْ كانت الرواياتُ مُضطربةً في تنسيقها ورُبَّما هذا الاضطرابُ طرأ على الكتابِ بعدَ ذلك لكنَّني لا أملكُ دليلاً على هذا القول أو على هذا الاحتمال.

إذاً المفيدُ أَلَّفَ الاختصاصَ استجابةً للرِّسالةِ الأولى وهذا واضحٌ إنَّهُ حديثٌ عن السَّلَفِ الصَّالِح، إنَّهُ تَصحيحٌ لعقائدِ ضلالهِ في كُتُبهِ السابقة فها هو يتحدَّثُ عن العِلْمِ اللامحدود لْمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد وعن الولايةِ المبسوطةِ على الجميع على النَّاسِ وغيرِ النَّاس، وها هو يتحدَّثُ عن الرَّجعةِ العظيمة الَّتي أنْكرَها بالـمُطلق بالكامل في كتابهِ (الإرشاد)، ولم يُثبتها في بقيَّةِ كُتُبهِ العقائديّة، وإنَّما أثبتَ الرَّجعةَ العجيبة الَّتي هي مِن شُؤونِ الغَيْبَةِ والظُهُور.

مَرَّ علينا في ضلالات المفيد وهُرائهِ في كتابهِ (الإرشاد)، أنكرَ ظُلامَةَ فَاطِمَة وأَنكرَ وجودَ الـمُحسن، في كتاب (الاختصاص) رجعَ فأقرَّ بِظُلامتها، ولهذا السَّبب هؤلاء السَّفَلة - أتحدَّث عن مراجع النَّجف وكربلاء - يَنفونَ هذا الكتاب عن المفيد، يُريدونَ لذلكَ الضلالِ أن يبقى كي يحتجَّ بهِ محمّد حسين فضل اللّه وأمثالُهُ.

صفحة (183)، مِن الطبعة الَّتي بينَ يدي؛ "حَدِيثُ فدك"، أقرأ بعضاً مِمَّا جاءَ في حديثِ فدك، إلى أنْ يقولَ المفيد في الصفحةِ الخامسةِ والثمانين بعدَ المئة: فَدَعَا بِكتابٍ فَكَتَبهُ لَهَا - مَن الَّذي كَتَب الكِتاب؟ أبو بكرٍ كَتَبَ لِفَاطِمَة كِتاباً بَردِّ فَدَك بعدَ أنْ احتجَّت عليه - فَقَالَ: فَخَرَجت وَالكِتَابُ مَعَها فَلَقِيهَا عُمَر فَقَالَ: يَا بِنْتَ مُحَمَّد، مَا هَذا الكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ فَقَالَت: كِتابٌ كَتَبَ لِي أَبُو بكر بَرَدِّ فَدَك، فَقَالَ: هَلُمِّيه إِلَيّ، فَأَبَت أنَ تَدْفَعَهُ إِلَيه، فَرَفَسَهَا بِرجلِهِ وَكَانَت حَامِلةً بابْنٍ اسْمهُ الْمُحْسِن فَأَسْقَطَت الْمُحْسِنَ مِن بَطنِها ثُمَّ لَطَمَهَا، فَكَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى قُرطٍ فِي أُذُنِها حِينَ نَقَفَت - "نَقَفَت"؛ يعني حينما كُسِر القُرط - ثُمَّ أَخَذ الكِتَابَ فَخَرَّقَهُ فَمَضَت وَمَكَثت خَمسَةً وَسَبعِينَ يَوْمَاً مَرِيضَةً مِمَّا ضَرَبَها عُمَر ثُمَّ قُبِضَت - إلى آخرِ ما جاء في هذا الحديث، هذا الحديثُ منقولٌ عن عبد اللّه بن سنان، عَن إِمَامِنا الصَّادِق، وجاء هذا التفصيل، نحنُ عندنا في رواياتنا مِن أنَّ النَّبيَّ قد كَتَبَ صَكَّاً ومِن أنَّ عُمَر أخذَ هذا الصَّكّ مِن يَدِ فَاطِمَة وبَصَقَ فِيه ومَزَّقَهُ هذا موجودٌ في رواياتنا، لا أريدُ أن أدخُل في هذهِ التفاصيل لكنَّ المفيد أثبتَ الَّذي أنكرهُ هُناك، يَغلُبُ على ظَنَّي أنَّ الكتابَ تَعرَّضَ إلى تصحيفٍ بعدَ المفيد ولكن لا أريدُ أن أتحدَّثَ عن شيءٍ لا أملِكُ عليهِ دليلاً، وإنْ كانت القرائنُ الموجودةُ تُساعِدُ على ذلك، القرائنُ الَّتي هِي في داخل الكتاب والقرائنُ الَّتي هي في الظروف الموضوعيَّةِ الـمُحيطةِ بالمفيد ومَا أعرِفهُ عَن حقارةِ وسَفَالَةِ الحوزةِ الطوسيَّة عِبرَ التأريخ وإلى يومنا هذا، في مَرحلةٍ تَمكَّنوا مِن تَحريفهِ، وفي مرحلةٍ في زماننا لا يتمكَّنونَ مِن تحريفهِ، أنكروا نِسبَتهُ إلى المفيد..

ثُمَّ يستمرُّ المفيد في حديثِ سقيفةِ بني ساعدة، فقد أوردَ المفيدُ حديثَ فَدك وحديثَ سقيفةِ بني ساعدة، وتَحدَّثَ كذلك عن مِحنةِ أمير المؤمنين وأسهبَ في هذا الموضوع، هُو لم يتحدَّث بحديثٍ مِن عندهِ وإنَّما جَمعَ الأحاديثَ والروايات، لكنَّ الكتابَ ليسَ مُنظَّماً، لَيسَ مُنسَّقاً، ومِن هُنا فإنَّ الَّذي يعودُ إليه هو عبارة عن كشكول للأحاديث، فإمَّا أنَّ الرَّجُلَ كانَ مُستعجلاً وكانَ مُضطرباً نفسيَّاً، وإمَّا أنَّ القومَ الطوسيّينَ عَبَثَوا بالكتابِ مِن بعده حتَّى يُضَعِّفوا قِيمتهُ والَّذي يُراجِعهُ لا ينتفعُ مِنهُ كثيراً لأنَّهُ لَيسَ مُنسَّقاً الكتابُ مُضطربٌ جِدَّاً، بينما كتابهُ (الإرشاد)، مُنظَّمٌ جِدَّاً، لأنَّهُ كتابُ ضلال لم يعبثوا بهِ.

 

إمامُ زماننا في رسالتهِ الَّتي بَعثَ بِها إلى الشيعةِ زمن الغَيْبَة الأولى حينما اشتدَّت فِتنة التشكيك بإمامتهِ.

في الجزء الثالثِ والخمسين من (بحار الأنوار) للمجلسي/ طبعةُ دارِ إحياء التُراث العربي/ بيروت- لبنان/ الصفحةِ الثامنةِ والسبعين بعدَ المئة/ الحديث التاسع، نقلَهُ عن (الاحتجاج) للطبرسي، وكتابُ الاحتجاج مِن المصادر المهمَّةِ للتوقيعات المهدويَّةِ الشريفة، الرِّسالةُ طويلةٌ أقرأُ من الصفحةِ الثمانين بعدَ المئة، إمامُ زماننا يقولُ للشيعةِ وهو يَتحدَّثُ عن ظُلامتهِ: (وَفِي ابْنَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَآلِه لِي أُسْوَةٌ حَسَنَة)، أسوةٌ حَسَنة في ظُلامَتها، ولا أريدُ أن أقفَ طويلاً عِندَ هذهِ العبارة.

المفيدُ أَنْكَرَ ظُلامَة الزَّهراءِ في كتابهِ (الإرشاد)، ولكنَّهُ حِينَ عادَ إلى الحقّ وَأَلْهَمَهُ الإمامُ الهُدَى وَالرُّشْد وعَرَفَ أنَّ إمامَ زَمَانهِ يَتَّخذُ مِن ظُلامَةِ فَاطِمَة أُسوةً لهُ، والإمامُ لَيسَ بِحاجةٍ إلى ذلك الإمامُ هُوَ السِّرُ المستودعُ فِي فَاطِمَة ولكنَّهُ يُحَدِّثُنا كي يُعَلِّمنا، لذا رجعَ راكضاً المفيدُ إلى كتاب (الاختصاص) الَّذي أُلْعِجَ به وأُلْعِجَ فيه، كانَ يكتُبُ وهو يَحترِقُ بنارِ نَدَمِهِ بنارِ حسرتهِ.

مَرَّ علينا أيضاً في هراءِ المفيد في كُتبِ ضلالهِ قبلَ أن يعودَ إلى الهدى وقبلَ أن يكونَ مُلْهَمَاً بِإِلْهَامٍ مِن قِبَلِ إمامِ زمانهِ صلواتُ اللّهِ وسلامهُ عليه كانَ قد انتقدَ كِتابَ (سُلَيم)، وانتقدَهُ انتقاداً لاذعاً.

أوَّلاً: لقد ذَكَرَ سُلَيمَاً في الصفحةِ الثالثةِ من الكتاب في السَّلَف الصَّالِح وهو يُشيرُ إلى شرطة الخميس، وهُم خَواصُّ أصحابِ أمير المؤمنين فذكرَ سُلَيمَ بنَ قَيس مِن جُملةِ خَواصِّ أميرِ المؤمنين في الصفحةِ الثالثة، وذكرهُ أيضاً في الصفحةِ الثامنة فأينَ ذَكَرَ اسمه؟ قال: وَمِن أصحابِ أميرِ المؤمنين صلواتُ اللّهِ عليه حَبيبُ مُظَهَّر - حبيب الأسدي الَّذي استُشهد في الطفوف والَّذي جعلَ لهُ إمامُنا السَّجَّادُ قبراً خاصَّاً لهُ مَيَّزهُ عن بقيَّة الشُّهداء حتَّى عن بقيَّةِ الهاشميّين، في بعض الكتب (حبيب بنُ ظاهر)، وفي كُتبٍ أخرى (حبيب بنُ مُظَهَّر)، ويبدو أنَّ كَلِمة ابن سقطت - حبيبُ بنُ مَظَهَّر، ومِيثَمُ التَمَّار، ورُشَيدٌ الهَجَري، وسُلَيمٌ بنُ قيس الهلالي - عَدّهُ في أخصِّ خَواص أمير المؤمنين، لقد رجعَ رجعةً قَويَّةً، ها هو يتحدَّثُ عن السَّلَفِ الصَّالح، ولقد أثبتَ في طوايا كِتابه كُلَّ الموضوعات الَّتي تَحدَّثَ عنها سُلَيم بنُ قيس في كتابه، مِن هذهِ الموضوعات:

- سقيفةُ بني ساعدة.

- نقضُ بيعة الغدير.

- ظُلامَةُ الزَّهْراءِ في فدك وَقَتلُها وإسقاطُ جنينها.

- الأَئِمَّةُ الاثنا عشر ومَقامَاتُهم.

- ظُهورُ القائمِ ورجعةُ الأَئِمَّة.

- ارتدادُ الأُمَّة بعدَ رسول اللّه، وأضافَ إليها ارتدادُ الأُمَّةِ بعدَ الحُسين، هذا لَيسَ موجوداً في كتابِ (سُلَيم)، وإنَّما جاء في أحاديث الأَئِمَّةِ صلواتُ اللّهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، ما يرتبطُ بارتداد الأُمَّةِ بعدَ رَسُول اللّه ذَكَرهُ في الصفحةِ السادسة وكذلكَ في الصفحةِ العاشرة وفي الصفحةِ الرابعةِ والستين ذَكرَ مَا يرتبطُ بارتداد النَّاسِ بعدَ الحُسَينِ إلَّا ثلاثة، وبالنسبةِ لزمانِ أمير المؤمنين بعدَ رسول اللّه تَحدَّثَ عن ارتداد النَّاسِ بعدَ رسول اللّه إلَّا ثلاثة، يتحدَّثُ عن "سَلْمان والـمِقداد وأبي ذَرّ".

ما يرتبطُ بإمامنا السَّجَّادِ وما ذَكَرهُ مِن مرض الذَّرَبِ الَّذي نَسَبَهُ إلى الإمام السَّجَّاد ينقلُ ذلكَ عن حُميد بن مسلم، عن هذا النَّاصبي لعنةُ اللّهِ عليه؛ لم يُشِر المفيدُ في كتاب (الاختصاصِ) إلى هذا الموضوع، لكنَّهُ جاء بقصيدةِ الفَرزدق وفَصَّلَ القولَ بِخُصوصها، وأوردَ القصيدةَ وتَحدَّثَ عن إمامِنا السَّجَّادِ صلواتُ اللّهِ وسلامهُ عليه، أتُرَاهُ يُريدُ أن يُخْبِرَ عن الفرزدق عن شاعرٍ مَدَحَ الإمامَ السَّجَّاد؟ أم أنَّهُ يُريدُ أن يعتذرَ للإمام السَّجَّادِ بهذا الَّذي ذَكَرهُ في كتابهِ؟! أنا لا أعرفُ شيئاً عن هذا، لكنَّني أوردتُ هذهِ الملاحظة كي تلتفتوا إلى أنَّ المفيدَ ذَكَر فِي كتابهِ أيضاً قصيدة الفرزدق في مَدحِ إمامِنا السَّجَّادِ صلواتُ اللّهِ عليه وتَحدَّثَ في هذهِ الأجواء.

ما يرتبطُ بزيارة الأربعين؛ لم أجد شيئاً يرتبطُ بهذا الموضوع، مع مُلاحظةِ أنَّ ضَلالَ المفيد لا ينحصرُ بالموضوعات الَّتي ذكرتُها لَكُم إنَّما أُعِيدُ ذِكرَ هذهِ الموضوعات لأنَّني ذكرتُها وعَلَّقتُ عليها.

وبخصوصِ جابرٍ الجُعفي رضوانُ اللّهِ تعالى عليه؛ فإنَّهُ قد روى عنهُ كثيراً، وذكرَ بِخُصوصهِ رواياتٍ تَمدَحهُ غايةَ المدح وفي مواطنَ عديدة، يبدو أنَّهُ كانَ يستهزئ كثيراً بجابر ولذا يُريدُ أن يُكَفِّر عن هذا، على سبيل المثال: في الصفحةِ السابعةِ والستين تَحدَّثَ عن علاقةِ جابرٍ الجُعفي بالإمام الباقر، وكيفَ أنَّ الإمامَ الباقرَ هو الَّذي أَمَرَهُ أن يُظهِرَ الجُنون كي يُحافِظَ على حياتهِ وسَلامته، الواقعةُ مُفصَّلةٌ لا مجالَ للقراءةِ.

صفحة (128) نقلَ حديثاً مُفصَّلاً مِن أجمل الأحاديث عن جابر الجُعفي، حيثُ أنَّ الإمامَ الباقرَ يَخصُّهُ بحديثِ صلاة الجمعة، وهُو حَدِيثٌ جميلٌ ومُفَصَّلٌ جِدَّاً، صفحة (128، 129، 130)، حديثٌ طويل.

وكذلك صفحة (204) يَنقلُ روايةً: بسندهِ، عَن زياد بنِ أَبي الحلال، قالَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنا فِي أَحَادِيثِ جَابِرٍ الجُعْفي - البعض يُريدُ أن يرفُضها والبعض يُريدُ أن يقبلَها - فَقُلتُ: أَنَا أَسْأَلُ أَبَا عَبد اللّه - أسألُ الإمامَ الصَّادِق عن أحاديث جابر - فَلَمَّا دَخَلتُ ابْتَدَأَنِي فَقَالَ: رَحِمَ اللّهُ جَابِر الجُعْفي كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْنَا، لَعَنَ اللّهُ الْمُغِيرَة بنَ سَعِيد كَانَ يَكْذِبُ عَلَيْنَا - هذا الكلامُ مُناقِضٌ للذي كانَ يقومُ بهِ المفيد من الاستهزاءِ بجابر ومِن أنَّهُ يَتَّهمهُ بأنَّهُ كانَ مُخلِّطاً مثلما قرأتُ عليكم من (فهرست النَّجاشي)، الَّذي يُسمّيه مراجعُ النَّجف زُوراً وبُهتاناً بأنَّهُ (رجالُ النَّجاشي).

في الصفحةِ 272 نقلَ حَديثاً عن جابر الجُعفي، عن إمامِنا الباقر في أمرٍ خاصٍّ يكشفُ عن خُصوصيَّةِ مَنزلةِ جابر عِندَ الإمام الباقر صلواتُ اللّهِ وسلامهُ عليه.

في الصفحةِ 322 نقلَ حديثاً مُفصَّلاً عن جابر الجُعفي عن إمامِنا الباقر وكيفَ أنَّ إمامِنا الباقر أرى جَابِراً الجُعفي ملكوتَ السَّماوات والأرض، وكأنَّ المفيد يُريدُ أن يعتذرَ لجابرٍ الجُعفي وهذا واضحٌ جِدَّاً، وهذا الأمرُ يجري في سائرِ أصحاب الأَئِمَّة..

الجزءُ 8 مِن معجم رجال الحديث للخوئي/ الطبعةُ الخامسة طبعةٌ مُنقَّحةٌ ومَزيدة/ 1992 ميلادي/ صفحة (197) في ترجمة: "رُشيد الهَجَري"، رقم الترجمة: (4598) إلى أن يقولَ الخوئي: فإنَّ كتابَ (الاختصاص) - باعتبار أنَّ المفيد تَحدَّثَ عن السَّلف الصَّالِح وتَحدَّث عن رُشيدٍ الهَجَري - فإنَّ كتابَ (الاختصاص) لم يَثبُت أنَّهُ للشيخ المفيد قُدِّسَ سِرّه - وكذلكَ في الصفحةِ السابعةِ بعدَ الثلاثِ مئة في ترجمة: "زهير بن معاوية"، رقم الترجمة: (4761): أقول - الخوئي يقول - أقول: لم يَثبُت أنَّ كتابَ (الاختصاص) للشيخ المفيد قُدِّس سِرّه.

في الصفحةِ الخامسةِ والأربعين بعدَ الثلاثِ مئة، في ترجمة: "زيد بن أرقم"، والَّتي تبدأ في الصفحةِ الثالثةِ والأربعين بعدَ الثلاثِ مئة، رقم الترجمة: (4840): أقول - من الَّذي يقول؟ الخوئي - أقول: وهذهِ الروايةُ أيضاً لا يُعتَمدُ عليها لجهالةِ جُملةٍ مِن رواتها، مُضافَاً إلى أنَّ كتاب (الاختصاص) لم يَثْبُت أنَّهُ مِن تأليف الشيخ المفيد قُدِّس سِرّه - وقد ذكرَ هذا في مواطنَ أخرى أنا أذكرُ ما أذكرُ على سبيل المثالِ والأنموذج.

السيستانيُّ كتابهُ (تعارضُ الأدلَّة واختلافُ الحديث)، الجزء الأول/ الجزء العاشر مِن مجموعةِ كُتُبه/ طبعةُ مُؤسَّسةِ نورِ الأمير/ وهذهِ التقريراتُ لهاشم الهاشمي/ الطبعةُ الأولى/ 1441 هجري قمري/ قم المقدَّسة/ في الصفحةِ العشرين بعدَ الأربعِ مئة: وقد وردَ ذِكرُ الحديث في كتابِ (الاختصاص)، وبصائر الدرجات، إلَّا أنَّ كتابَ (الاختصاص) لم تَثبُت نِسبتهُ إلى المفيد - هذا كلامُ السيستاني ككلام الخوئي.

الكتابُ لمحمّد رضا السيستاني لمرجعِ المستقبلِ في النَّجف، الجزءُ الأوَّل مِن كتابهِ (قبساتٌ مِن علم الرجال)، تقرير محمّد البكّاء/ الطبعة الأولى/ 2015 ميلادي/ دار الوركاء/ صفحة (214): نعم وَردَ في كِتاب (الاختصاص) المنسوبِ إلى الشيخ المفيد - كتابٌ مَنسوب!! إلى أن يقول: ولكنَّ كِتابَ (الاختصاص) كما أُشِيرَ إليه إنَّما هُوَ مَنسوبٌ إلى المفيد ولَم تَثْبُت هذهِ النسبة، بل هُناكَ شواهدُ على خِلافها - فكتابُ الاختصاص ما هو بكتابٍ للشيخ المفيد.

(مشرعةُ بحار الأنوار) وفي الحقيقةِ لابُدَّ أن يُسمَّى هذا الكتاب (مذبحةُ بحار الأنوار)، هذهِ مُعجزةٌ خُوئيَّةٌ مِن الطراز الأوَّل، بحارُ الأنوار يتألَّف مِن مئةٍ وعشرةِ أجزاء، (110) جزء، حَوَّلهُ هذا البَتريّ الخوئي محمّد آصف مُحسني إلى جزأينِ فقط، الجزء الأوَّل مِن هذهِ المزبلة والَّتي يُفترَضُ أن تُسمَّى مَذبحةُ بِحار الأنوار، هو سَمَّاها (مشرعةُ بحار الأنوار)، ألا لعنةٌ عليها ولعنةٌ على منهجها ولعنةٌ على منهجِ أُستَاذِه الخوئي لأنَّهُ هو يقول: أنا قُمتُ بهذا العمل وِفقاً لمنهجِ أستاذي الخوئي، ألا لعنةٌ على منهجهِ، في الصفحةِ الثالثةِ والأربعين بعدَ الأربعِ مئة يقول آصف مُحسني: كما أنَّ مُؤلِّف (الاختصاصِ) أيضاً مجهولٌ على الأقوى - يعني نحنُ لا نعرِفَ مَن أَلَّفَ الاختصاص فهو ليسَ للمُفيد.

كاظم الحائري أيضاً في تقريراتِ أبحاثهِ لأستاذهِ محمّد باقر الصدر ينقل رأي محمّد باقر الصدر في أنَّ (الاختصاصَ)، ليسَ للمُفيد، وهُو أيضاً كاظم الحائري من المراجع المعاصرين هُو أيضاً يذهبُ إلى هذا الرأي مِن أنَّ (الاختصاص) ليسَ للمفيد، القائمةُ طويلة يُمكنكم أن تدخلوا إلى اليوتيوب كي تُشاهدوا وتستمعوا كمال الحيدري وهو يُنْكِرُ نِسبة كِتاب (الاختصاص) إلى الشَّيخ المفيد، القائمةُ طَويلةٌ، هؤلاءِ هُم البَتريّون والـمُرجئيّون من المجموعةِ الثانية الَّتي هي في مُواجهةِ المفيد، أعتقدُ أنَّ الصورةَ صارت واضحةً.

المجموع :2701