وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ
- طول المقطع : 28:43
- مقطع من برنامج : الخاتمة_257 - يا امام هل من خبر ج28 - المشروع المهدوي ما بين التعظيم والتقزيم ق3
وصف للمقطع
الآيةِ التاسعةِ والثلاثين بعدَ البسملةِ من سورة الحِجر وما بعدها، حيثُ الحديثُ عن جانبٍ عن جهةٍ من برنامجِ صناعةِ الفرد الحمار: ﴿قَالَ رَبِّ - إنَّهُ إبليسُ، والآياتُ في قُصَّةِ إبليس - قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِيْ الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ۞ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِيْن﴾، الآيةُ الأولى تتحدَّثُ عن جانبٍ من برنامجِ صناعةِ الفرد الحمار، والآيةُ الَّتي تليها فيها إشارةٌ إلى برنامجِ صناعة الفرد الإنسان.
في سورة النساء، الآيةِ التاسعةِ بعدَ العاشرةِ بعد المئةِ بعدَ البسملة أيضاً فيما يرسمهُ إبليسُ لصناعةِ الفردِ الحمار: ﴿وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ - التَّبْتِيكُ؛ التقطيعُ - وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾، هذهِ صُورٌ جهاتٌ تطبيقاتٌ للبرنامج الإبليسي لصناعةِ الفرد الحمار والَّذي يُنَفِّذهُ بشكلٍ مُباشرٍ رجل الدِّين الحمار، لأنَّ إبليسَ قد طَبَّقَ البرنامج عليهِ أوَّلاً، وبعدَ ذلكَ دفعهُ لتطبيق البرنامجِ على أتباعهِ على أبناءِ الأُمَّة.
في سورة الإسراء، الآيةِ الثانيةِ والستين بعد البسملة وما بعدها: ﴿قَالَ - والقائلُ إبليس الَّذي رسمَ برنامجَ صناعة الفرد الحمار بدقَّةٍ مُتناهية، وقد أَتْعَبَ نفسهُ كثيراً إبليسُ على صناعةِ رَجُلِ الدِّينِ الحمار وأخرجهُ بصورةٍ تجعلُ الحمير من أتباعهِ من أتباعِ رَجُل الدِّين الحمار، يُقدِّسونهُ ويُعظِّمونهُ، وفي الوقتِ نفسهِ يُقزِّمونَ الإمامَ المعصوم ويُقَزِّمونَ مقاماتهِ ويُقَزِّمونَ مشروعهُ - قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ - إبليسُ يُخاطِبُ اللهَ سُبحانهُ وتعالى - لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيْلاً﴾، "حَنَّكَ واحْتَنَكَ"؛ الكلامُ يرتبطُ بحنكِ الدابة في أصلهِ، وحَنَكُ الدابةِ حَنَكُ الحيوانِ مُقدَّمُ رأسهِ، بوزُ الحيوان، بُوزُ الحيوان مُقدَّمُ رأسهِ حَنَكُهُ، اللِّجَامُ والسلسلةُ والحبلُ، كُلُّ هذهِ الوسائلُ الَّتي تُستعملُ للتحكّمِ بقيادِ الدابةِ أين توضعُ؟ تُوضعُ عندَ حَنَكِ الدابة، في مُقدَّم رأسها، تلكَ هي عمليّةُ تحنيكٍ وعمليّةُ احتناك، فَحَنَّك الدابةَ وضعَ اللِّجامَ في حَنَكِها.
هُناك معنىً لاحْتَنَكَ؛ أي استأصلَ الأمرَ مِن جُذورهِ، فيُقال من أنَّ فلاناً احْتَنَكَ أموالَ جارهِ مثلاً أي استأصلها أخذها بكاملها لم يُبقي منها شيئاً، اِحْتَنَكَهُ؛ قَضَى عليهِ.
لكنَّ الآية هُنا تُشيرُ إلى المعنى الأوّل من أنَّ إبليسَ يتحكَّمُ بالإنسانِ مثلما يتحكَّمُ راكبُ الدابةِ بالدابة، إنَّها عمليّةُ الاستحمار.
عمليّةُ الاستحمار يُحدِّثنا إمَامُنا الحسنُ العسكريُّ صلواتُ اللهِ عليه في تفسيرهِ الشريف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآله:
طبعةُ ذوي القربى/ قم المقدَّسة/ الطبعة الأولى/ صفحة 366/ رقم الحديث (270)، حديثٌ طويل عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآله في الصِّراعِ ما بَينَ الإنسانِ وإبليس، صفحة (367)، أقرأ عليكم جانباً من حديثِ رسولِ الله حيثُ يُخبِرنا عن صراع المؤمنِ عن صِراع الشيعي مع إبليس، مرَّةً يفوزُ ومرَّةً يخسر: فَإِنْ بَقِي هَذَا الْمُؤْمِنُ - هكذا يقولُ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآله - عَلَى طَاعَة اللهِ وَذِكْرِهِ - وطاعةُ الله وذِكرُ الله هي طاعةُ إمامِ زماننا - وَالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ - هذهِ عناوينُ التمسُّكِ والـمُرابطةِ في فناءِ إمامِ زماننا - بَقِيَ عَلَى إِبْلِيسَ تِلْكَ الجُرَاحَات - هذهِ معركَتُنا معَ إبليس، وهذا هو سِلاحُنا؛ الصَّلاةُ على مُحَمَّدٍ وآلهِ في ضوءِ المعرفةِ الَّتي تستندُ إلى العقلِ الزَّهرائي الَّذي بِناؤهُ مُزدوجٌ ما بينَ مُفرداتِ الغدير الأوّلِ والغدير الثاني، ما بينَ عليٍّ والقائمِ صلواتُ اللهِ عليهما وآلهما.
- وَإِنْ زَالَ الْعَبْدُ عَنْ ذَلِك - ابتعدَ عن فِنَاءِ إمامِ زمانهِ بحسبِ برنامجِ صناعةِ الفرد الحمار الَّذي يُنَفِّذهُ رجُل الدِّينِ الحمار - وَانْهَمَكَ فِي مُخَالَفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعَاصِيه - وأعظمُ المخالفةِ هو الابتعادُ عن منهجِ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد - اِنْدَمَلَت جِرَاحَاتُ إِبْلِيس ثُمَّ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ العَبْد - تغلَّبَ عليه - حَتَّى يُلْجِمَهُ - حتَّى يَحتَنِكَهُ "لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً" - وَيُسْرِجَ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَرْكَبُهُ، ثُمَّ يَنْزِلَ عَنْهُ وَيُرْكِبَ عَلَى ظَهْرِهِ شَيْطَانًا مِن شَيَاطِيْنِهِ - إنَّهُ نائبهُ، إنَّهُ مرجعُ الدِّين الحمار، يُركِبُهُ على الأتباعِ الحمير - وَيَقُولَ لِأَصْحَابِهِ - إبليس - أَمَا تَذْكُرُونَ مَا أَصَابَنَا مِنْ شَأنِ هَذَا - حينما كانَ قريباً من إمامِ زمانهِ، لكنَّهُ الآن بعد أن ابتعدَ بفضلِ رَجُل الدِّين الحمار، بعد أن ابتعدَ عن فناءِ إمامِ زَمانهِ - أَمَا تَذْكُرُونَ مَا أَصَابَنَا مِنْ شَأنِ هَذَا ذَلَّ وَانْقَادَ لَنَا الآنَ حَتَّى صَارَ يَرْكَبُهُ هَذَا - هذا الَّذي لا قيمة لهُ، الَّذي قد يكونُ من شياطين الجنِّ والأبالسةِ، أو قد يكونُ من شياطين الإنسِ من المراجعِ مِن هؤلاء الثولانِ الأغبياء الَّذين لا قيمةَ لهم عندَ إبليس، هكذا يتحدَّثُ عنهم، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله: فَإِنْ أَرَدْتُم أَنْ تُدِيْمُوا عَلَى إِبْلِيْسَ سُخْنَةَ عَيْنِهِ وَأَلَمَ جِرَاحَاتِهِ فَدَاومُوا عَلَى طَاعَة اللهِ وَذِكْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ - أنْ نَكُونَ مُرابِطينَ في فِناءِ إمامِ زماننا - وَإِنْ زِلْتُم عَن ذَلِك كُنْتُم أُسَرَاءَ إِبْلِيْس، فَيُركِب أَقْفِيَتَكُم بَعْضَ مَرَدَتِهِ - مَردَتُهُ مِنَ الجنِّ أو مَرَدَتُهُ مِنَ الإنس، على حدٍّ سواء.