يحيى بن اكثم، قاضي القضاة والفقيه اللوّاط
- طول المقطع : 0:10:41
- مقطع من برنامج : ما بين واقعين واقع الدنيا وواقع الدين ح8 - العباسيون القدماء والجدد ج4
وصف للمقطع
مروجُ الذهب ومعادن الجوهر للمؤرِّخ المسعودي، كتابٌ معروف جِدَّاً/ الجزءُ الرابع/ بتحقيق سعيد محمّد اللحام/ طبعةُ دار الفكر/ بيروت - لبنان/ 2005 ميلادي/ الصفحةِ الثالثةِ والعشرين يُحدِّثُنا المسعودي الَّذي توفّي سنة (346) للهجرة، يُحدِّثنا عن يحيى بن أكثم مِن فُقهاء المسلمين ومِنَ القُضاة المعروفين في التأريخ ومن الشخصيَّات البارزةِ في الحكم العبَّاسي كانَ لَوَّاطاً شهيراً، رُبَّما مِن الشخصيَّات الَّتي لا يُعرَفُ مَن هُو أَلْوَطُ مِنه، الكسائيُّ أيضاً الَّذي كانَ أُستاذاً ومربيَّاً للأمينِ والمأمون كانَ لَوَّاطاً شهيراً وهو أحد القُرّاء السبعة، أحدُ القراءات السبعة من قراءات القُرآن تُنْسَبُ إليه "قراءةُ الكسائي"، الكسائيُّ كانَ مِن أَلْوَطِ النَّاس هكذا يذكرونَ عنهُ في كُتُب التراجُم: (مِن أنَّهُ كانَ يُدْمِنُ شُربَ الخَمر شُربَ النبيذ وكانَ يُدمِنُ إتيان الغلمان الروقة - الروقة يعني الحلوين )، وتُذكرَ لَهُ حكاياتٌ طويلةٌ في كُتُب التأريخ، هذه الحكاياتُ موجودةٌ في الكُتُب لا مجالَ لذكرها الآن، يحيى بنُ أكثم في نفسِ السياق فقيهٌ لوّاطٌ مِن فُقهاء الأُمَّةِ اللَّوَاطِين: وكانَ يحيى بنُ أكثم قد وَلِيَ قضاء البصرة قبل تأكُّدِ الحالِ بَينهُ وبينَ المأمون – "قبل تأكُّد الحال"؛ يعني قبلَ أن تتوثَّق العلاقة - فَرُفِعَ إلى المأمون - أهلُ البصرة رفعوا الشكاوى إلى المأمون - أنَّهُ أفسدَ أولادَهُم بِكثرةِ لِواطه - هذا قاضي القُضاة في البصرة، مسؤول القُوَّة القضائيّة، القضاء العراقي معروف بنزاهتهِ مُنذُ أيَّام العبَّاسيّين مشهودٌ لهُ، الحكايةُ طويلةٌ، سأقرأُ جانباً منها أيضاً، فذكروا للمأمونِ أبياتاً وهي أبياتٌ معروفةٌ ليحيى بن أكثم يتحدَّثُ فيها عن أصنافِ الصبيان فيقول:
أربعةٌ تَفتِنُ ألحاظُهُم؛ الألحاظ العيون. | |
أربعةٌ تَفتِنُ ألحاظُهُم | | فَعينُ مَن يعشَقُهم سَاهرة
فواحدٌ دُنياه في وجهه؛ وجههُ جميل.مُنافقٌ لَيست لهُ آخرة؛ مُؤخرتهُ صغيرة ليست كبيرة منتفخة. | |
وآخرٌ دُنياهٌ مفتوحةٌ | | من خلفهِ آخرةٌ وافرة؛ هذا حُسْنهُ في مُؤخرتهِ.
وثالثٌ قد حازَ كِلْتَيهما؛ حُسن الوجه وحُسن المؤخرة. | | قَد جَمعَ الدُّنيا مع الآخرة
ورابعٌ قد ضاعَ ما بَينَهُم | | ليست لهُ دُنيا ولا آخرة
أربعةٌ تَفتِنُ ألحاظُهُم | | فَعينُ مَن يعشَقُهم سَاهرة
فواحدٌ دُنياه في وجهه؛ وجههُ جميل.مُنافقٌ لَيست لهُ آخرة؛ مُؤخرتهُ صغيرة ليست كبيرة منتفخة. | |
وآخرٌ دُنياهٌ مفتوحةٌ | | من خلفهِ آخرةٌ وافرة؛ هذا حُسْنهُ في مُؤخرتهِ.
وثالثٌ قد حازَ كِلْتَيهما؛ حُسن الوجه وحُسن المؤخرة. | | قَد جَمعَ الدُّنيا مع الآخرة
ورابعٌ قد ضاعَ ما بَينَهُم | | ليست لهُ دُنيا ولا آخرة
هذا هو فقيهُ الأُمَّة يُقَسِّمُ لنا الغِلمان والخصيان والصبيان.
ولِذا ابنُ أبي نُعيم شاعرُ البصرة يقول:
يا ليت يحيى لم يلدهُ أكثمهُ | | ولم تطأ أرض العراقِ قَدمُه
أَلْوَطُ قاضٍ في العراقِ نَعلَمه | | أيُّ دَواةٍ لَم يَلقْهَا قَلَمُه
المطبوع (يَلفْهِا) لا معنى للكلامِ هُنا، ولكنَّ القَلَمُ يَلُوقُ في الدَّواة في الْمِحبَرة هُو يُشيرُ إلى لِوَاطه. | |
وأيُّ شِعْبٍ؛ الشِّعابُ هي الطُرُقُ بينَ الجِبال، يُشير إلى ما بينَ الرِدْفَين.وأيُّ شِعبٍ لَم يَلِجهُ أَرْقَمُه؛ الأرقمُ الأفعى الذكر الَّذي يكونُ شديدَ السم. | |
أَلْوَطُ قاضٍ في العراقِ نَعلَمه | | أيُّ دَواةٍ لَم يَلقْهَا قَلَمُه
المطبوع (يَلفْهِا) لا معنى للكلامِ هُنا، ولكنَّ القَلَمُ يَلُوقُ في الدَّواة في الْمِحبَرة هُو يُشيرُ إلى لِوَاطه. | |
وأيُّ شِعْبٍ؛ الشِّعابُ هي الطُرُقُ بينَ الجِبال، يُشير إلى ما بينَ الرِدْفَين.وأيُّ شِعبٍ لَم يَلِجهُ أَرْقَمُه؛ الأرقمُ الأفعى الذكر الَّذي يكونُ شديدَ السم. | |
بعد ذلكَ صارت ليحيى بنِ أكثم علاقةٌ قويَّةٌ وشديدةٌ بالمأمون، المأمونُ في يَومٍ من الأيَّام قالَ لهُ: يا أبا مُحمَّد من الَّذي يقول:
قاضٍ يَرى الحدَّ في الزِّناء - كانَ يُقِيم الحُدود في الزنا، لكنَّهُ لا يُقِيمُ الحدودَ في اللواط كان يُفتي بحليَّة اللواط.
قاضٍ يَرى الحدَّ في الزناءِ | | ولا يرى على مَن يَلُوطُ مِن باسِ
هذا هو نفسهُ الشاعر ابن أبي نُعيم، المأمون كانَ يُريدُ أن يُلاطِفَهُ وأن يُحرِجهُ، فقالَ لَهُ: يا أبا مُحمَّد مَن الَّذي يقول:
قاضٍ يَرى الحدَّ في الزناءِ | | ولا يرى على مَن يَلُوطُ مِن باسِ
فقال لهُ: ذَلِكَ ابنُ أبي نُعيم يا أمير المؤمنين وهُو القائل:
أميرُنا يَرتَشي وحاكِمُنا يَلُوطُ | | والرأسُ شَرُّ ما راسِ
قاضٍ يَرى الحدَّ في الزناءِ | | ولا يرى على مَن يَلُوطُ مِن باسِ
ما أحْسَبُ الجَوْرَ يَنْقَضِي | | وعلى الأُمَّةِ وَالٍ مِن آلِ عبَّاسِ
قاضٍ يَرى الحدَّ في الزناءِ | | ولا يرى على مَن يَلُوطُ مِن باسِ
ما أحْسَبُ الجَوْرَ يَنْقَضِي | | وعلى الأُمَّةِ وَالٍ مِن آلِ عبَّاسِ
فأطرقَ المأمونُ خَجلاً ساعةً - خَجَلاً أو خَجِلاً - سَاعةً ثُمَّ رَفعَ رأسَهُ وقالَ: يُنْفى ابنُ أبي نُعَيم إلى السِّنْد - هذا هو واقعُ العبَّاسيّين.
كتاب عنوانهُ (موسوعةُ العذاب)، مِن الجزء الأوَّل وينتهي بالجزء السابع، لِمُؤلِّفهِ الكاتِب العراقي عبود الشالجي، طبعةُ الدار العربيّةِ للموسوعات/ الطبعةُ الثانية/ 1999/ بيروت/ لبنان/ حاوَلَ المؤلِّفُ أنْ يجمعَ كُلَّ ما ذُكِرَ في كُتُب التأريخِ عن العذابِ الَّذي كانَ يَقُومُ بهِ الحُكّام، الوقتُ لا يكفي كي أقرأ عليكم مِن هذهِ الموسوعةِ بخصوصِ أنواع العذاب الَّتي كانَ العبَّاسيّونَ يتفَنَّنونَ بها، لو رجعتُم إلى هذهِ الموسوعة ستجدونَ أنَّ العبَّاسيّينَ مِن بَينِ كُلِّ الحُكَّام هُم الأكثرُ تفَنُّناً في التعذيب، فَكُلُّ أنواع التعذيبِ الَّتي تَخْطُرُ في البالِ والَّتي لا تَخْطُرُ في البال كانَ العبَّاسيّونَ يُمارِسُونها حتَّى معَ أقرب النَّاسِ إليهم إذا ما غَضِبوا عليهم!