يوم الزينة والحوار بين موسى والسحرة
- طول المقطع : 00:11:32
وصف للمقطع
مقطع من برنامج [ قـرآنـهـم ] الحلقة ( 20 )
■ {قال الملأ من قوم فرعون إنَّ هذا لساحرٌ عليم* يُريد أن يُخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون}
{قال الملأ} هؤلاء الحاشية، النُخبة، الأعيان.. قالوا ذلك باعتبار أنّ السِحْر كان ثقافة منتشرة في تلك الأصقاع. موسى ما أراد أن يُخرج الفراعنة.. موسى أراد أن يُخرج بني إسرائيل، ولكن هذه القضيّة هكذا تجري دائماً (تقليب الحقائق، الدعايات، التزوير، التشويه) هذا هو شأن الذين يُخالفون أهل الحقّ سواء كانوا من أهل السياسة، أم من رجال الدين الباطل، أم أصحاب رؤوس الأموال الذين يأكلون جهود الناس من دون وجه حقّ!
● {فماذا تأمرون} من السياق يبدو أنّ هذه العبارة "فماذا تأمرون" هذا كلام فرعون يقول لهم.. وقطعاً ليس المقصود أنّهم يُصدِرون أمراً إلى فرعون. المراد: على أيّ شيء يجتمع أمركم؟
■ {قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين} هذه الآية تُشير إلى أنّ هارون كان برفقة موسى، وهذا المعنى واضح أيضاً في السُور القرآنية الأخرى، وواضح في الروايات والأحاديث التي فسّرت وشرحتْ وبيّنت لنا ما جرى بين موسى وفرعون.
{ارجه} اتركه الآن ولننتظر حتّى يُقبِل السَحَرة إلينا من كلّ أرجاء البلاد.
{حاشرين} أي اجمع الناس مِن كل المُدن ومن كُلّ الاتّجاهات، ولنبحث عن كُلّ ساحر مُتمكّن ونأتي بهم جميعاً في مُواجهة موسى وهارون.
■ {يأتوك بكل ساحر عليم* وجاء السحرة فرعون قالوا إنَّ لنا لأجراً إنْ كُنّا نحنُ الغالبين}
واضح مِن كلام السَحَرة أنّ عندهم معلومات، وهذه المعلومات تجعلهم في ريبة مِن أمرهم لذلك يقولون: إنْ كُنّا نحنُ الغالبين، بينما الملأ الذين هم حول فرعون يتحدّثون عن كلّ ساحر عليم.
■ {قال نعم وإنكم لمن المقربين} ليس فقط نُعطيكم أجوراً عالية، بل أنتم ستكونون مِن المُقرّبين مِن الدائرة السُلطانية..كُلّ هذا بسبب رُعبه من الذي رآه من آيات موسى.. واتّفقوا على يوم الزينة كما بيّنت الآيات والروايات
■ {قالوا يا موسى إمّا أن تُلقي تُلقي سِحرك وإمّا أن نكون نحنُ المُلقين} هنا ينتقل الكلام في سورة الأعراف إلى الحوار الذي دار بين موسى والسَحَرة في يوم الزينة في ساحة المواجهة.
■ {قال ألقوا فلمّا ألقوا سَحَروا أعينَ الناس واسترهبوهم أخافوهم من العجائب المُخيفة وجاؤوا بسحر عظيم} لأنّ الساحر في غالب سِحْره يُؤثّر على جهاز البصر.. يُمكن للساحر في بعض الأحيان أن يفعل شيئاً على أرض الواقع، ولكن في أغلب حالات السِحر هو عبثٌ بجهاز البصر.
● {جاؤوا بسحر عظيم} القرآن يصفهُ أنّه عظيم بحسب نظر الناس قطعاً، بحسب الذين حضروا في ذلك الموقف. الروايات تقول: الناس جميعاً جاؤوا من كلّ مكان، فإنّ ذلك اليوم أساساً كان يوم عيد، وأولئك السَحَرة كان لهم أنصار ومُؤيّدون، وهذا الحدث قد هيّأ له فرعون بكلّ ما يتمكّن.. وضعوا ميداناً هائلاً كبيراً، وفرعون أيضاً وضعوا له محلّاً عالياً جدّاً.. وفي الروايات أنّ فرعون أحدثَ أيضاً في ذلك اليوم مِن شدّة الخوف والرُعب.
■ {وأوحينا إلى مُوسى أن ألقِ عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون}آيات الأنبياء هي مظاهر التأييد من الجوهر العلوي.. هذا هو التأييد العلوي للأنبياء {تلقف ما يأفكون} أي ما صنعوه باطلاً من سِحرهم، تبتلعه سريعاً ولا تُبقي له من أثر.. فقد جاءتْ على كُلّ ما جاء به أولئك السَحَرة وتحرّكت باتّجاه فرعون وهو على تلك البناية العالية.. وكان فرعون يرى أتون النار بين الشُعبتين، ولذلك أحدثَ وأحدثَ وبقي في حالة إسهالٍ مُتّصل! وفي بعض الروايات أنّ الناس داس بعضهم بعضاً.. ومات الآلاف من ذلك الاضطراب.. الناس دخلتهم الرهبة ممّا فعله السَحَرة، وإذا بشيءٍ مُرعب هائل لمّا ألقى موسى عصاه، ففرّ الناس من ذلك الميدان وتساقط الناس بعضهم على البعض وداس الناس بعضهم بعضاً فماتت الآلاف من الناس (فالحدث مُثير).
■ {فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون} هنا صوت علي.. هذه آثار عليّ (كُنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً)، (كُنتُ مع الأنبياء سِرّاً ومع رسول الله عَلَناً)
■ {فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين* وألقي السحرة ساجدين} غُلب السَحَرة وغُلب فرعون وغُلبت هذه الجموع، وغلبتْ تلك العساكر وتلك القوّة الهائلة التي جاء بها فرعون!
{صاغرين} أذلّاء.. بعد كُلّ تلك الكبرياء وذلك التجبّر.. ابتداءً من كبيرهم فرعون، وانتهاءً بهؤلاء السَحَرة الذين وقعوا ساجدين على الأرض باختيارهم لشدّة رُعبهم، وفزعهم ولأنّهم علموا أنّهم أمام رجلٍ ليس ساحر، وإنّما رجل يمتلك قُدرة لا حدود لها!
■ {قالوا آمنا بربّ العالمين* ربّ موسى وهارون} هذه القدرة ليست قُدرة بشريّة.. هذه القُدرة لن تصدر إلّا من مالكٍ للأزمّة ومن قادر على كُلّ شيء، ومن مالكٍ لهذا الوجود.
● قولهم {آمنا بربّ العالمين} هذا هو التوفيق.. فهؤلاء لأنّهم استكانوا وأقرّوا أمام الحقّ وُفّقوا أن يسلكوا الطريق الصحيح.. فهم آمنوا بربّ العالمين مِن طريق مُوسى وهارون، وهذا هو توحيد أهل البيت أن نعرف الله مِن خِلال إمام زماننا.
● حديث سلسلة الذهب عن إمامنا الرضا هو الذي يشرح لنا حقيقة التوحيد (كلمة لا إله حصني فمن دخل حصني أَمِن من عذابي) وفي موطن آخر: (ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمِن من عذابي)
■ {قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إنَّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتُخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون} فكأنّ الإيمان بالله يحتاج إلى إذن من فرعون!! والمدينة هنا هي عاصمة فرعون.