سيّد قطب : العملُ في حقل الفِقْه هو مُجرّد خداعٌ للنفس!!!
في ظلال القرآن - سيّد قطب
سورة يوسف - ج4 - ص2012
فأمّا قبل قيام هذا المجتمع فالعملُ في حقل الفِقْه والأحكام التنظيميّة هو مُجرّد خداعٌ للنفس، باستنبات البذور في الهواء، ولن ينبتَ الفِقه الإسلامي في الفراغ، كما أنّه لن تنبتَ البذور في الهواء!
إنّ العمل في الحقل الفكري للفقه الإسلامي عملٌ مريح لأنّه لا خطر فيه ولكنّه ليس عملاً للإسلام، ولا هو مِن منهج هذا الدين ولا مِن طبيعتهِ وخيرٌ للذين ينشدون الراحة والسلامة أن يشتغلوا بالأدب وبالفن أو بالتجارة، أمّا الاشتغال بالفقه الآن على ذلك النحو بوصفه عملاً للإسلام في هذه الفترة فأحسب - والله أعلم - أنّه مضيعةٌ للعُمر وللأجر أيضاً...
...
وصياغةُ أحكام الفِقه لا تُواجه هذه الجاهلية - إذن - بوسائل مكافئة. إنّما الذي يُواجهها دعوةٌ إلى الدخول في الإسلام مرّة أخرى،
وحركةٌ تواجه الجاهلية بكل ركائزها، ثمّ يكون ما يكون مِن شأن كلّ دعوة للإسلام في وجه الجاهلية. ثمّ يحكم الله بين مَن يُسْلمون للهِ وبين قومهم بالحق.. وعندئذٍ فقط يجيء دورُ أحكام الفقه، التي تنشأُ نشأةً طبيعيةً في هذا الوسط الواقعي الحي، وتواجه حاجات الحياة الواقعية المُتجدّدة في هذا المجتمع الوليد، وِفْق حجم هذهِ الحاجات يومئذٍ وشكلها وملابساتها، وهي أمور كلّها في ضمير الغَيب - كما أسلفنا - ولا يُمكن التكهّن بها سلفاً، ولا يُمكن الاشتغال بها مِن اليوم على سبيل الجد المُناسب لطبيعة هذا الدين