الإمام الباقر عليه السلام يُحدِّث جابر عن مَلَكُوت السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض
- طول المقطع : 25:15
- مقطع من برنامج : الخاتمة_264 - يا امام هل من خبر ج35
وصف للمقطع
في (بصائر الدرجات) لشيخنا أبي جعفرٍ الصفَّار من أصحابِ إمامنا الحسنِ العسكري، الصفَّارُ توفي سنة 290 للهجرة في زمانِ الغَيْبَة الأولى، وهذا الكتابُ مِن كُتبنا الأصليّةِ العظيمة، طبعة مؤسَّسةِ النعمان/ بيروت/ لبنان/ صفحة 375/ الحديثُ الرابع من الباب الثالث عشر، الجزء الثامن: بِسندهِ، عَن جَابِرٍ الجُعفي، عَن إِمَامِنَا البَاقِرِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيه، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: "وَكَذَلِكَ نُرْي إِبْرَاهِيْمَ مَلَكُوْتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض"، قَالَ: فَكُنْتُ مُطْرِقَاً إِلَى الأَرْض - جابر الجعفي يقول كُنتُ مُطرِقاً إلى الأرض وأنا أسألُ الإمام هذا السؤال - فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى فَوْق، ثُمَّ قَالَ لِي: اِرْفَع رَأْسَك، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَنَظَرتُ إِلَى السَّقْفِ - إلى سقفِ المكان إلى سقفِ المنزل، إنَّهُ منزلُ إمامنا الباقر - فَنَظَرْتُ إِلَى السَّقْفِ قَدْ اِنْفَجَر - لم يبقى لهُ أثر - حَتَّى خَلُصَ بَصَرِي إِلَى نُوْرٍ سَاطِع حَارَ بَصَرِي دُوْنَه - حَارَ بَصَرِي دُونَه؛ لم أستطع أن أواصل النَّظرَ إليه - قَالَ، ثُمَّ قَالَ لِي: رَأَى إِبْرَاهِيمُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض هَكَذا - مثلما رأيتَ ما رأيتَ أنت، وسيلةُ إيضاح مِن الإمامِ الباقرِ لحاملِ أسرارِ أهل البيت لجابرٍ الجعفي.
- ثُمَّ قَالَ لِي: أَطْرِق، فَأَطْرَقتُ، ثُمَّ قَال لِي: اِرْفَع رَأْسَك، فَرَفَعتُ رَأْسِي فَإِذَا السَّقْفُ عَلَى حَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي وَقَامَ وَأَخْرَجَنِي مِنَ البَيْت الَّذِي كُنْتُ فِيه - مِن البيتِ؛ من الحُجرةِ، فهذا الاستعمالُ كانَ شَائِعاً يُعبِّرون عن الغرفةِ بالبيت، فإنَّ الرَّجُلَ يكون في دارهِ بُيوت، بُيوت يعني غُرف - وَأَدْخَلَنِي بَيْتَاً آخَر، فَخَلَع ثِيَابَهُ الَّتِي كَانَت عَلَيه - الإمامُ الباقرُ خَلَعَ ثيابهُ الَّتي كانت عليه - وَلَبِسَ ثِيَابَاً غَيْرَهَا - هذهِ ثِيابٌ خاصَّةٌ - ثُمَّ قَالَ لِي: غُضَّ بَصَرَك، فَغَضَضْتُ بَصَرِي، وَقَالَ لِي: لَا تَفْتَح عَيْنَيِك، فَلَبِثْتُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ لِي: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْت؟ قُلتُ: لَا جُعِلْتُ فِدَاك، فَقَالَ لِي: أَنْتَ فِي الظُّلْمَة الَّتِي سَلَكَهَا ذُو القَرْنَين - إنَّهُ انتقالٌ مُباشرٌ مِن دُونِ الوسائلِ النقليَّة، إلَّا أنَّ الَّذي يُلْفِتُ النَّظر أنَّ الإمام الباقر بَدَّل ثِيابَهُ، جابرٌ هل بَدَّلَ ثيابهُ؟ الروايةُ ما ذكرت رُبَّما أعطاهُ الإمامُ ثياباً، ورُبَّما كما هو ظاهرُ الروايةِ فإنَّ الإمام تصرَّفَ فيهِ، تصرَّفَ في أحوالهِ، غَيَّر أحوالهُ بحيثُ لا يكونُ مُحتاجاً لثيابٍ، وارتبطَ حالَهُ بحالِ الإمامِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، هذا كُلُّهُ من أيِّ مقامٍ؟ من المقامِ البشري المقيَّد فَهُنا أسباب، هذهِ الثيابُ نوعُ سببٍ من الأسباب، وإن كانَ الانتقالُ مِن دُونِ وسائل.
ورُبَّما فعلَ الإمامُ هذا ليصلَ الكلامُ إليَّ وإليكم حتَّى نحتَجَّ بهذا، بهذا المضمون؛ مِن أنَّ ثِيابَ الدنيا ثيابَ الأرض لن تكونَ مُناسبةً للفضاء، من أين جاءت هذهِ المعلومة؟ الروايةُ صحيحةٌ، الروايةُ صادقةٌ، هذهِ التفاصيلُ تَصدرُ عن الأَئِمَّةِ لحكمةٍ منهم، وإلَّا فإنَّ الإمامَ ليسَ مُحتاجاً لهذا، إلَّا إذا أرادَ أن يتصرَّفَ وِفقاً للمقامِ البشري المقيَّد، فإذا كانَ كذلك فلماذا لم يُعطي ثياباً لجابر؟! صحيحٌ فإنَّ الإمام يتصرَّفُ في جابر ويمنحُ جابراً القُدرة على أن يصعد في الفضاء بهذهِ الطريقةِ العجيبةِ الغريبة.
- فَقَالَ لِي: أَنْتَ فِي الظُّلْمَة الَّتِي سَلَكَهَا ذُو القَرْنَين، فَقُلتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَفْتَحَ عَيْنَي؟ فَقَالَ لِي: اِفْتَح فَإِنَّكَ لَا تَرَى شَيْئَاً، فَفَتَحْتُ عَيْنَي فَإِذَا أَنَا فِي ظُلْمَةٍ لَا أُبْصِرُ فِيْهَا مَوْضِعَ قَدَمِي - مطبوعٌ هنا: (ثُمَّ صَار) والنسخة الصحيحة: (ثُمَّ سَارَ) - ثُمَّ سَارَ قَلِيْلاً وَوَقَفَ فَقَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي أَيْنَ أَنْت؟ قُلتُ: لَا، قَالَ: أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الحَيَاة الَّتِي شَرِبَ مِنْهَا الخِضْر، وَخَرَجْنَا مِنْ ذَلِكَ العَالَم إِلَى عَالَمٍ آخَر فَسَلَكْنَا فِيه فَرَأَيْنَا كَهَيْئَةِ عَالَمِنَا - كهيئةِ عالم الأرض - فِي بِنَائِهِ وَمَسَاكِنِهِ وَأَهْلِهِ - حدَّثْتُكم عن هذهِ المضامين، مِن أنَّ في كَونِنا الفسيح عوالِم وعوالِم، منها ما يشبهُ عالَمنا ومنها ما لا يشبهُ عالَمنا، منها ما هو دُونَ حضارتنا الأرضيَّة، ومنها ما هو فوقَ حضارتنا الأرضيَّة بكثير، تلاحظون أنَّ جابراً يُحدِّثنا عن انتقالهم من دُونِ وسائل، هذا هو الانتقالُ المباشرُ عِبرَ الطاقةِ العَلَويَّة - ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى عَالَمٍ ثَالِثٍ كَهَيْئَة الأَوَّلِ وَالثَّاني حَتَّى وَرَدْنَا خَمْسَةَ عَوَالِم، قَالَ، ثُمَّ قَال - قال إمامنا الباقرُ - هَذِهِ مَلَكُوتُ الأَرْض وَلَم يَرَهَا إِبْرَاهِيم - إبراهيمُ حينما كُشِفَ لَهُ عن الملكوت كُشِفَ عن جانبٍ مِنَ الملكوت، فهذا جزءٌ من ملكوتِ الأرض لم يرهُ إبراهيم - وَإِنَّمَا رَأَى مَلَكُوتَ السَّمَاوَات وَهِيَ اِثْنَا عَشَرَ عَالَماً كُلُّ عَالَمٍ كَهَيْئَةِ مَا رَأَيْت، كُلَّمَا مَضَى مِنَّا إِمَامٌ سَكَنَ أَحَدَ هَذِهِ العَوَالِم حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُم القَائِمُ فِي عَالمَنا الَّذِي نَحْنُ سَاكِنُوه - في عالَمنا الَّذي نحنُ سَاكِنوه في العالم الأرضي، لماذا؟ لأنَّ الأرض هي العاصمة، وأرضٌ فيها الإمام، هُم يقولون إمامُ الأَرَضِين.
- قَالَ، ثُمَّ قَالَ: غُضَّ بَصَرَك، فَغَضَضْتُ بَصَرِي، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَإِذَا نَحْنُ بِالبَيْتِ الَّذِي خَرَجْنَا مِنه، فَنَزَعَ تِلْكَ الثِّيَاب وَلَبِسَ الثِّيَابَ الَّتِي كَانَت عَلَيْه وَعُدْنَا إِلَى مَجْلِسِنَا، فَقُلتُ: جُعِلْتُ فِدَاك كَمْ مَضَى مِنَ النَّهَار؟ قَالَ البَاقِر: ثَلاثُ سَاعَات.
الرواياتُ وفيرةٌ وكثيرةٌ في هذهِ المضامين، لكنَّني لا أجدُ وقتاً لقراءتها.
خلاصةُ القول:
خلاصةُ القول: المشروعُ المهدويُّ الأعظم سيتجلَّى فيهِ المقامُ البشريُّ المقيَّدُ في أسمى صُورهِ، ويتجلَّى فيهِ المقامُ البشريُّ المطلق، يتجلَّى بنحوٍ لم يَكُن قد تجلَّى مُنذُ زمانِ رسول الله وإلى زمان الظُّهورِ الشريف، هذهِ عظمةُ المشروعِ المهدويِّ وهذا هو سِرُّ عُنواننا: (المشروعُ المهدويُّ ما بين التَّعظيمِ والتَّقزيم).