تمهيد الحسن المجتبى عليه السلام لعاشوراء
وصف للمقطع

ما قام بهِ المجتبى أنْ صَنَعَ الأرضيَّةَ المباشرةَ لتنفيذِ مشروع القربان، هيَّأ الأرضيَّةَ في بُعدِها الاجتماعي، وفي بُعدِها السياسي، وفي بُعدها الثقافي، لقد تحرَّك الحسنُ المجتبى في هذهِ الاتجاهات حتَّى صنعَ أرضاً مُناسبةً لتنفيذِ هذا المشروع، جاء الحُسَينُ ووضع النقاطَ على الحروف، ولكن بأيِّ حبرٍ؟ بأيِّ حبرٍ؟! بأيِّ حِبرٍ؟! وضع النُّقاطَ على الحروف الَّتي خطَّها أبو مُحَمَّد وأخذَ صُورتَهُ بعيداً عن خشبةِ المسرح كي تبقى خشبةُ المسرحِ خاليَةً لواحدٍ فقط: (حَاءٌ سِيْنٌ يَاءٌ نُونْ) المسرحُ بكُلِّه لك يا حُسين، خشبةُ مسرح الوجود بكُلِّها لكَ يا حُسين، وضعها المجتبى بينَ يديكَ أبا عَبْد الله.

فكُلُّ التمهيدِ كما قلتُ لكم الَّذي كانَ في عصرِ مُحَمَّدٍ وفي زمانِ فَاطِمَة، إنَّما أذكرُ فَاطِمَة قبلَ الأميرِ لأنَّ عصرها انقضى وبقي الأمير، وإلَّا فَفَاطِمَةُ تُذكَرُ بعدَ الأمير، إذا أردنا أن نتحدَّث عن سلسلةِ الأئِمَّةِ الأربعة عشر؛ (مُحَمَّدٌ، عَلِيٌّ، فَاطِمَة)، لكنَّني ناظرٌ هنا إلى زمنِ الأحداثِ وتفاصيلها.

- فكُلُّ الَّذي جرى في عهدِ مُحَمَّدٍ وفي عهدِ فَاطِمَة وفي عهدِ عليٍّ صلواتُ اللهِ عليهم من تمهيدٍ لمشروعِ حُسينٍ في كفَّةٍ.

- وما كان في عهدِ المجتبى يُوضَعُ في كفَّةٍ أخرى.

حَسَنٌ حُسَيْنٌ؛ حُسَينٌ مُصغَّرٌ من حَسَن، وإنَّما تُصغَّرُ الأسماءُ لأيِّ شيءٍ؟ للإشارةِ إلى جمالِ وحلاوة المسمَّى، وكذلكَ هي إشارةٌ لمحبَّةٍ فيها خُصوصيّةٌ لصاحبِ هذا الاسمِ المصغّر.

نحنُ إذا أردنا أن نُدقِّق النَّظرَ في السيرةِ العمليَّةِ لكُلِّ أئِمَّتِنا، كُلُّ إمامٍ من أئِمَّتنا يتحرَّكُ في سيرتهِ العمليَّةِ أيَّامَ إمامتهِ الفعليَّةِ بينَ النَّاس في ثلاثِ اتجاهات:

الاتجاهُ الأوَّل: عملُ الإمامِ لأهلِ زمانهِ، وللظروف المحيطةِ بهِ، ولملابساتِ الواقع الَّذي يُعايشهُ.

الاتجاهُ الثاني: عملُ الإمامِ مُمَهِّداً للإمام الَّذي سيأتي من بعدهِ، ولذا فقائمُ آلِ مُحَمَّدٍ في زمان الظهورِ يُمَهِّدُ للحُسَيْنِ، المشروعُ أساساً هو تمهيدٌ للرَّجعةِ بكُلِّ تفاصيلها، لكنَّ الإمام الَّذي يأتي بعد القائمِ في العصر القائمي الأوَّل هو الحُسينُ صلواتُ اللهِ وسَلامهُ عليه.

والاتجاهُ الثالثُ: فكُلُّ إمامٍ من أئِمَّتنا يعملُ - وهذا هو الأهمّ عندهم جميعاً - باتجاهِ المشروع المهدويّ الَّذي هوَ مُقدِّمةٌ لرجعتهم.

هذهِ الحقائقُ واضحةٌ جليَّةٌ في سيرةِ المعصومين ابتداءً من نبيِّنا وانتهاءً بقائمنا، فإمامنا الحسنُ كانَ برنامجهُ هو هذا البرنامج، فكانَ يعملُ لزمانهِ مُوظِّفاً ذلك في برنامجِ عَمَلٍ للتمهيدِ للإمام الَّذي يأتي من بعدهِ، سَيِّدُ الشُهداء.

المجموع :2701